منبر العراق الحر :
كانت جدتي تحدثنا دوما عن الست زبيدة ودلال الخليفة لها وكيف كان يحب العلم والعلماء ولهذا جلب الكتب والكتّاب من كل الاصقاع فوضع قانونه الخاص وبنى مدينته المدورة بغداد . وكانت تقرأ لنا عن فارس بني شيبان والاميرة بدر الزمان وهكذا كانت تبث فينا روح التضحية وكرم النفس والاكرام …
قالت لنا مرة ومرات ان المغول دخلوا دار السلام فعاثوا فيها الخراب وقتلوا الخليفة شر قتلة . لم تجري على احد . في العهود الغابرة ولا حتى الحاضرة … لكني وجدتها اليوم أسوأ مما قرأت في قصص الف ليلة وليلة أو ما سمعت عنه في حكايات جدتي … بعد ان أصبح الكثيرون يشبهون القطيع . ليس لهم سوى الاكل والشرب والاستسلام فقد أُغرِقوا في بحر القيل والقال وقتل المحتل المعمم فيهم البهجة وسرق من عيونهم الفكرة واغتال الفرحة من ربيع حياتهم ! .. لم اسمع أو إرى من تحدث عن علم أو عالم ولم يخبرني الصغار عن امانيهم ولم تقص لي والدتي شيئا من حكايات جدتي . حفزتها كثيرا جعلتها تقرأ كتابا عن تاريخ العراق الحديث لانها كانت شاهدا على العصر فيه لكنها رفضت بحجة التعب تارة والنسيان تارة أخرى وعدم أهمية ما تعرف مرات . كانت كالجدار الذي بني من أحجار اليأس والقنوط .
يا ليتك كنت معنا لترى ما حل بمدينتك علك تجد لها دواء فقد اعياها الجهل وغطاها الفقر والوباء .