لماذا تغيّرنا؟ بين زمانٍ كان يُحب بصدق، وزمنٍ لا يثق بأحد…د.كريمة الشامي

منبر العراق الحر :
كنا يومًا نعيش زمنًا بسيطًا، تحكمه العاطفة والنية الطيبة، لم يكن الناس بحاجة إلى إثبات حبّهم بصور أو كلمات، كان الشعور وحده يكفي. اليوم تغيّرت النفس البشرية، وأصبحت الثقة عملة نادرة والحب مشروعًا يحتاج إلى ضمانات نفسية قبل أن يكون علاقة قلبية.
من منظور علم النفس، التغيّر في العلاقات ليس صدفة، بل هو نتيجة تراكمات اجتماعية واقتصادية وثقافية. العالم الحديث جعل الإنسان أكثر وعيًا، لكنه أيضًا جعله أكثر حذرًا، وأكثر قلقًا من الخسارة. ومع تزايد الخيبات، بدأت عقولنا تُفعّل آليات الدفاع النفسي — مثل الإنكار، والانعزال، والتبرير — لحماية الذات من الألم.
لم نعد نُحب لأننا نريد، بل لأننا نخاف أن نُؤذي أو نُؤذى. ولم نعد نثق لأننا تعلمنا أن من يثق يخسر. وهكذا، أصبحت العلاقات في زمننا أشبه بمعاملات نفسية أكثر من كونها روابط إنسانية.
النصيحة اليوم ليست في العودة إلى الماضي، بل في استعادة الصدق العاطفي الذي ميّز ذلك الماضي. أن نعيد بناء الإنسان من الداخل، ليعرف أن الحذر لا يجب أن يقتل المحبة، وأن الذكاء لا يعني القسوة. فالقلب الذي لا يثق، لا يشفى.
❤️ الخلاصة: نحن أمام جيلٍ ذكي في العقل، لكنه متعب في الروح. ولعلّ العلاج يبدأ حين نعترف بأن العاطفة ليست ضعفًا، بل طاقة وجودية تحتاج إلى نضج لا إلى خوف.

اترك رد