خذلانٌ بحجمِ نظام…د.كريمة الشامي

منبر العراق الحر :
في كلّ دساتير العالم بندٌ خفيّ لا يُكتب،
ينصّ على أن الحبّ، مثل السلطة، قد يُسلب دون إنذارٍ مسبق.
وأنا، في دولة المشاعر التي أقمتها على ضفاف الصدق،
ظننتُ أن الانتماء لا يُراجع، وأن الولاء لا يُلغى إلا بخيانةٍ مكتوبة بخطٍّ باردٍ يشبه توقيع موظّف في البيت الأبيض.
كنتُ أؤمن أن الوطن — أيّ وطن — هو الأمان،
وأن العودة إليه بعد الغياب تشبه العودة إلى نفسك بعد التيه.
لكن حين وصلت إلى مطار الحقيقة، وجدت أن التأشيرة انتهت،
وأنّ القوانين تغيّرت،
وأنّ “الديمقراطية العاطفية” التي حلمتُ بها لم تُسنّ يومًا في مجلس المشاعر.
قرأت البيان الأخير،
فهمتُ أن الرسائل لم تكن سوى مذكرات تفاهمٍ قصيرة الأمد،
وأنّ الاتفاقيات التي وقّعناها بالعيون قد تمزّقت في أرشيف النسيان.
ومع ذلك،
أحمد الله أني نجوتُ من دولةٍ تمنح الحبّ لمواطني الدرجة الأولى،
وتمنعُ اللجوءَ العاطفي لمن أحبّوا بصدق.
خذلانك كان يشبه العقوبات الاقتصادية:
يُنهك الروح، ويُجمّد الأمل، لكنه لا يُسقط السيادة عن القلب.
وإن كان القصر اليوم يعجّ بالزوار والموظفين،
فاعلم أن القصور لا يسكنها إلا الملوك،
حتى وإن تزيّن الغفير بثياب النبلاء،
فلن يدخل إلا من الباب الخلفي…
ويبقى العرش لمن أدار النور، لا لمن تزيّن بالظلال.
سلامٌ على القوانين التي تشرّع الخذلان،
وسلامٌ على وطني المؤقّت، الذي ما عاد وطني،
لكنّه ما زال يسكن خرائط القلب.

اترك رد