منبر العراق الحر
:”لما استعارت معطفي…فورا تغير موقفي …يا برد أينك من دمي …انا شعلة لا تنطفي”..
استوقفتني هذه القصيدة للشاعر كريم العراقي لبساطة كلماتها وتجسيدها بتصوير شعري يصف فيه المعطف كأنه كائن طبيعي له وجوده الخاص ينافسه على حبيبته بمعزل عن اللغة، وهنا يبهرنا خيال الشاعر الذي يتجلى في قدرته الابداعية على جعلنا نعيش الحدث ونشعر بذلك التصوير الراقي في طرح الفكرة التي تتجلى محسوسا” في ثنايا اللغة المجسدة ،فالكتابة الشعرية القادرة على التجسيد هي أيضا قادرة على خلق الحيوية في أشكالها اللغوية والذي يعمل الشاعر من خلالها على الابتكارات المتجددة .
فالشعر يوحد الأفكار والخواطر والعواطف ليصنع نسيج الحياة هو العبير الأهلي الذي يوحد الأمم ويعطر الأجواء بالحكمة ويحيى المجتمع بالأمان ويملىء السماء بالنجوم والكواكب التي تستنير منها العقول في الأرض…
في حين يدهشك كريم العراقي بتعدد نشاطاته،هو يعبر عما يجول بخاطره وعن رؤاه بالشعر ، يجسد الحقيقة البناءة دون خوف أو انكسار ، أنيق النفس حروفه منتقاة يحمل هم بلده ومعاناة شعبه ،نفسه طواقة للمعرفة ،معرفة الحق الذي يحرر من كل قيد ،لا يهاب الموت لأن الكتابة تجري في خياله و أفكاره وفي مسارات أفعاله فهي لا تحتجزه بل تتركه حرا طليقا يبدع بحروفه.
يعتبر كريم العراقي من أهم الشعراء الذين تغنت بكلماتهم كبار النجوم العراقيين والعرب ،حصل على جائزة الملك فيصل العالمية عام ٢٠١٩،كما حصل من منظمة اليونيسف عام ١٩٩٧ على جائزة أفضل أغنية انسانية عن قصيدة “تذكر” التي قدمها “كاظم الساهر” وتحكي عن معاناة أطفال العراق بسبب الحصار.
وهو أيضا شاعر الحب والعاطفة…شاعر الحزن والألم، حمل هم وطنه وبلاده وكان شعلة لا تنطفىء ، وإذا ذهب الجسد يبقى الإرث الحسن ويبقى طيفه يرفرف فوق وطنه العراق الحبيب يجتاز الأسوار من العدم ،يستحم من النور الوهاج ليهطل مع المطر ويروي برقيه القمم.
الوطن العربي خسر شاعرا”عملاقا ذو شخصيه مميزة من الصعب ان تتكرر…الرحمة لروحه الطاهرة .