رد على مقال اليثرد يدري. للكاتب محمود الجاف …. صباح الزهيري

منبر العراق الحر :…..الجزء الأول …..

مقال وتحليل تفصيلي رائع تربط فيه بين ما أصاب الدين الأسلامي والأمة العربية من عجز وأحباط , والدعوة للصحوة وألأنتباه لما يحاك لنا من دسائس من قبل أعدائنا التأريخيين . في كتابه سقوط السماء يعترف أندرو .أس .كوبرمتأخرا انه ( عندما دعم الأميركيون الأحزاب الأسلامية , لم يكونوا قد أدركوا المراوغه التي يتمتع بها رجال الدين وقدراتهم على حرف المواقف وعكسها . في هذا الزمن ان يوسم الانسان على انه غير متأرجح في مواقفه … مكسب عظيم وفي بلد يعرف معظم عقلائه طبيعة علّته ,غير أنهم مع ذلك , يتجاهلونها … إما لتعصّب متمكّن في النفوس أو مصالح مرتبطة بالنفوذ والجيوب أو إنكار نابع من غريزة البقاء … أتشاهد ياسيدي ان الذين تعاونوا مع المحتل يقدمون اليوم مرافعات دفاع مفككة عن موقف واضح الإدانة ؟

-يقول د.خالص جلبي : الوطن العربي اليوم مقيد في زنزانة تاريخية من أربع زوايا متبادلة التأثير بين مواطن تائه وفقيه غائب عن العصر ومثقف مدجن وزعيم مؤله . أجزمُ جزماً بأنَّ واحداً من هؤلاء الطارئين على الأسلام لم يقرأ كتبَ الطبري ولا البلاذري ولا ابن سعد ولا ابن خيّاط ولا المسعودي ولا ابن الأثير، بل ولا مقاتل الطالبيين . هذا الجهل ليس بريئاً أو مضحكاً للعقلاء العلماء … فهو يتدفَّق على أرضِ الواقع على صورة قضايا ومحاكم وميليشيات وقتل وخراب أوطان ,جهل يملك الملياراتِ ويدير الميليشياتِ ويتلاعبُ بمصيرِ العراق, واليمن, وإيران, ولبنان وغيرها , هل لدينا قراءة «علمية» للتاريخ اليوم ، بعيداً عن جهالات المجانين ؟ وهل يتجرأ الإعلامُ اليومَ على نشر قراءاتٍ علمية «حقيقية» لما حدث في عصر الفتنة الكبرى وصدر الإسلام ؟ أم يثير هذا عليه غضب الفريقين ، أنصار يزيدَ أو الحسين ؟ وهل من صحوة ؟

قرأت مؤخرا لأحدهم ان الحمار فتح مذكرة يومياته وكتب فيها انا لا اعرف كم من الزمن مضى على رحيل الاسد ولكن وصلت في نهاية عمري الى قناعة راسخة لكنها قاسية ومؤلمة مفادها ان دكتاتورية الاسد افضل من حرية القردة والكلاب فهو لم يكن يستعبدنا بل كان يحمينا من قرود تبيع نصف الغابة من اجل الموز وكلاب تبيع نصفها الاخر من اجل العظام . أليس وجود قائد استثنائي (سوبر كوماند) بصلاحيات مطلقة ومجلس استشارة تكنوقراطي من النخب اكثر جدوى من كل منظمات المجتمع المدني والأحزاب وتنظيرات العقائد وصراعات الحصول على المكاسب التي هدرت في مطامحها دماء الشعوب الساذجة ؟ أليس الفرد الاستثنائي الذي يظهر خلال لحظة تأريخية فارقة اكثر انجازا من حركات جماهيرية كثيرة تبدد الزمن وتبدد الشعوب في شعارات لا يتحقق شيئا منها في الأخير . اليس من المفترض ان نجيب على السؤال المتكرر حتى اصبح عقدة في الدماغ (ترى ماذا نسمي من ارتزق بعد 2003 وتهالك على مناصب في حكومة احتلال اعترف الجميع بمافي ذلك الامم المتحدة بانها حكومة احتلال بل ومنهم من قبض من المحتل قبل الاحتلال الرسمي ومن مراكز الدراسات الامريكية مبالغا ومكافئات طائلة ووقع عقود عمل معهم لأجل التحضير للاحتلال ؟) , وأولئك الذين يكثرون من الثرثرة ويطلقون الوعود لمحاسبة العابثين وايقافهم عند حدهم ، فتسمع جعجعاتهم التي تصم الاذان إعلاميا وعلى مدار الساعة ، الا أنك لاترى طحنهم واقعا قط ؟ هل تصدق أن طبالهم وكبيرهم الذي علمهم السحر المدعو كنعان مكية كتب مؤخرا ليعبر عن ندمه قائلا (غلطتي الكبيرة كانت أنني أسأت تقدير المعارضة العراقية التي اشتغلت معها ودعمتها بعد حرب 1991 . لم أكن أتخيّل على سبيل المثال أنه لا يوجد واحد من أحزاب وشخصيات المعارضة المختلفة الذين تعرفت عليهم جميعاً ، لا يوجد بينهم أحد لديه نفس عراقي أو حس وطني .

 

لو تلاحظ أن كل الجماعات التي صارت جزءاً من مجلس الحكم مع (بول) بريمر لم يكن حتى اسم العراق موجوداً في أسمائها ، عدا المؤتمر الوطني العراقي . غلطتي كانت أنني لم أقيّم هذه القوى في حينه ولم أحس بضعف وحتى غياب حسّهم الوطني العراقي) . ,ومالم نقرأ ألآية الكريمة ( فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) التي تؤكد ان لا ثوابت في السياسة, ونفهم مقاصدها , فالنبي المرسل وخاتم الأنبياء ختم بخاتمه الشريف وثيقة صلح الحديبية بتنازلات كبيرة مع كفار قريش , ولولا ذلك لما وصلنا الإسلام , لقد أصيبت البلاد بمرض نقص المناعة الوطنية والمؤسساتية، ما ضاعف يأس أبنائها منها، ويأس العالم منهم, لقد تعرَّض العراق لعملية تجريف مذهلة وممنهجة, ضربت مؤسساتِه وروحَه ومعناه ودوره, وكان يؤمل أن يكونَ الخراب الهائلُ لهذا البلد العربي درساً رادعاً لكل الدول التي تتلمَّس طريقَها بين إرث صعب وحاضر بالغ التعقيد, ان مشكلات العراق كثيرة ومتراكمة, البطالة والأقصاء والفقر وأسعار الغذاء والتصحر والجفاف وتعثر جهود التنمية بفعل المبارزات بين الأقوياء, وبفعل التدخلات, وكلها تعيد التوتر إلى مفاصل التركيبة العراقية, وتوقظ شبح أزمة مكونات, كما ان الأزمة وصلت حتى للقوى التي تنعقد عليها ألآمال .

 

الجزء الثاني :

– قرأت أن الزعيم الفرنسي شارل ديغول, عندما عاد إلى بلاده, في أعقاب تحررها من الاحتلال الهتلري , عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية, وضعت أمامه قائمة طويلة, من المتعاونين الفرنسيين مع الألمان النازيين, فقال قولته المشهورة: اشطبوا على كل الأسماء، باستثناء من حمل سلاحاً مع العدو, أو تجسس لصالحه, بينما في عراق ما بعد الاحتلال , يعودون وفي رقابهم بحر من دماء الجنود والضباط والأسرى العراقيين, الذين هبوا دفاعاً عن بلدهم, وضحوا بأنفسهم, من أجل العراق وسيادته, بلا مساءلة أو محاكمة . دعني اقولها بصراحة وبدون لبس انه بدون العودة للتنظيم القومي التأريخي المجرب مع انتفاضة شعبية جديدة أعمق وأوسع وأشجع من ثورة تشرين, تقلب الطاولة على هذا الشلة بكاملها, لن يتحقق السلام ولا الأمن ولا الرخاء لهذا الشعب الذي أثقلت كاهله السنون .

 

تحيات وتشكرات وامتنانات حتى نلتقي بوطن مكنوس من كل الاحتلالات.

اترك رد