فلسطين ..قضية وقصيدة ….. فلاح المشعل

منبر العراق الحر :
عقب نهاية حرب اكتوبر 1973 طرح وزير خارجية امريكا آنذاك ” هنري كيسنجر ” مشروع التسوية السلمية للصراع العربي الاسرائيلي في الشرق الأوسط ، وتزامنا ً مع زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات الى القدس عام 1977، تبنت الإدارة الامريكية مشروع التسوية والحلول “العادلة ” كما تدعي في قضية فلسطين والتصالح بين الأنظمة العربية واسرائيل، رغم وقوفها الصريح والمعلن والداعم لاسرائيل في الحرب والسلم على حد سواء، وقد ذهبت بعض الأنظمة العربية للتطبيع مع اسرائيل لقاء السلام وبعض الامتيازات من امريكا واسرائيل، وكان الثمن أقل من الإستحقاق ، وآخر سنوات الإنتكاس والخذلان صارت بعض الأنظمة العربية والخليجية تركض مسرعة للتطبيع ونيل الرضا الامريكي _ الاسرائيلي .
لعل الأنظمة تنظر لمصالح بلادها والأخرى تعبر عن فقرها وضعفها وخروجها عن الإصطفاف مع أية قضية عربية ، كما تجلى ذلك في الحرب العراقية الايرانية ، واحتلال العراق، وحرب لبنان 2006 واعتداءات اسرائيل المتكررة على المدن العربية، وعودة على بدء، فأن تلك الأنظمة المطبعة وغير المطبعة كانت عند قناعتها بقدرة امريكا على إيجاد حلول منصفة مابين الفلسطينيين واسرائيل، بينما كانت فلسطين تكتب قصيدة موتها اليومي في حصارات واذلال وتدمير متكرر ، ولم تصغ تلك الأنظمة لما كان يردده الممثل الشرعي لروح فلسطين محمود درويش وخلاصته ، ” امريكا هي الطاعون ، والطاعون امريكا “.
خطاب الرئيس الامريكي جو بايدن خلال العدوان الهمجي الصهيوني الجاري على غزة ، واتساقه مع الفكر الانتقامي للصهيوني ” نتنياهو ” في محو غزة من الوجود، وارسال حاملة الطائرات “فورد ” دعما ً لاسرائيل وطائرات تحمل المساعدات من اسلحة وصواريخ إبادة للفلسطينيين ، وتهديد كل من يقف مع غزة وأهلها ، حسمت الجدل بإنحياز امريكا والعديد من دول الغرب الأوربي الى جانب اسرائيل، دون احترام للأنظمة العربية المطبعة ، وعدم اكتراث لإرادة الدول العربية المنتجة للنفط مثل المملكة العربية السعودية والعراق والكويت والجزائر وجميعها تحتفظ بعلاقات جيدة ومتميزة مع امريكا ودول اوربا ، لكن في حسابات الصراع فأن امريكا والغرب الأوربي تقف مع اسرائيل ضد العرب وحقوقهم المشروعة ولن تعترض على عدوانية اسرائيل الصريحة .
مايحدث في غزة سوف يغير الاديد من المعادلات سواء في علاقات الشعوب العربية مع أنظمتها، أم علاقة الانظمة مع امريكا واسرائيل ، ولابد للعرب سواء ً أنظمة أم شعوب أن تنظر لمعادلة المصالح بموجب الكتلة العربية وتاثيرها الاقليمي والعالمي، وليس الانفراد بالموقف، وفي نظرة سريعة تجد أن التكتلات السياسية والاقتصادية (التكتلات وليس المحاور) أصبحت تشكل السمة البارزة للزمن السياسي الراهن في العالم حيث المصالح الاقتصادية والأمنية والتنموية مركز تكتل تلك الدول .

اترك رد