منبر العراق الحر :
الصوفية حالة من النقاء الذهني والبقاء مع النفس مع كل زمان كانت وما زالت هي النفس حين تريد الابتعاد عن حزن والم العالم المادي واللجوء الى عالم نغيب فيه ونشعر اننا سعداء.
وبهذا التعريف تشعر ان متصوفة مراكش يحملون ذات الامتدادات منذ ان ظهرت الزوايا في المغرب بعد القرن الخامس الهجري إبان حكم يعقوب المنصور الموحدي، الذي بنى زاوية في مدينة مراكش، واعتنى ملوك المغرب بإنشاء الزوايا، مثل “دار الضيافة” التي بناها المرينيون، أو الزاوية العظمى التي أسسها أبو عنان فارس، خارج مدينة فاس، وكانت تسمى في فترة من فترات تاريخ المغرب “دار الكرامة”.
في مراكش حضر كل هذا ، وكنت أشعر ان الحاجة الى السلوك الصوفي حتى لو بقواعد بسيطة تنحصر في الذائقة والفكر والسلوك هي من بعض حاجتنا لابتعاد عن عولمة وأمكنة صنعت فينا فوضى الحواس على حد واحد من عناوين احلام مستغانمي ، هذه الفوضى التي بدأت تخرب فينا المنابع الاصلية لهاجس التوحد والتفكير لتخلق بدلها دخان السيارات وفوضى السياسة وزعيق مجنزرات الدبابات المحتلة والنظر الى ما يكسبه اللصوص والمتاجرين باطلا بأحلام الناس ، ومن بين فوضى ما يحدث ان العولمة الجديدة عبر غول جديد اسمه الانترنيت ومواقعه الاجتماعية صنعت طبقة نفعية ومشهورة ولكن من دون ثقافة.
لكن هذا تأثيره على مراكش كان ضيئلا ، فلقد ابقت على احساسها بالانتماء الى اطياف ازمنة الامس ،بنائ وثقافة وحتى سلوكا ، فالقديم في مراكش يظهر امامك دائما حتى عندما يرتدي ثوب العصرنة لتشعرك اجواء ليليلها حين يهب الصوفيين على فسحتهم التي افرزتها لهم بلدية مراكش في ساحة جامع قنا أن الحاجة الى العيش بمشاعر الصوفية شيئا من علاج مجتمعي وثقافي .ولا اقصد هنا ان تكون الصوفية سلوكا ومذهبا اجتماعيا وروحيا يطبق ما كان يمارسه متصوفة بغداد ومراكش ودمشق والقاهرة والمدينة والكوفة واصفهان وتبريز والاستانة وسمر قند ، بل اتمناها جزء من رفاهية بعض اوقات اسابيعنا وفصولنا ، عيش تأملي في مكان تخصصه البلديات والحكومات المحلية وامانة العاصمة ليكون مكانا لممارسة تلك الطقوس النبيلة ليس بشكلها القديم وممارساته ولباسه بل بأرائك الهدوء والقراءة والموسيقى وان نبعد كل شيء يمت الى فوضى صخب الحياة التي اوجعت حضارتها روح الصوفية وجعلته يتمنى ان تعود ثانية رؤيا خازوق الصلب وعباءة العود الخشنة.حي صوفي في كل مدينة .يذكرنا بان الغرب اراد ان يقلد الامر فصنع ظاهرة الهيبيز ،لكن الفرق بينهم وبين الصوفيين .انهم كانوا يعيشون الطيش والحشيش والاختلاط الماجن لافتة رفض ضد الحضارة الجديدة فيما العيش عند الصوفيين كان تأملات ضائعة والبحث عن صورة الاخيلة البعيدة ثم نطق الشعر حتى لو كانت شمس نهار الصيف لهيبا.
