منبر العراق الحر :
كان معرض احذية باتا مقابل الزقاق الذي يؤدي الى سينما الاندلس الشتوي في شارع الجمهورية ، وعندما كنت امر على واجهته الزجاجية اقف مبهورا من جمال الاحذية وموديلاتها واتمنى اليوم الذي سأرتدي فيه حذاء باتا لأنني طوال طفولتي وحتى السادس الابتدائي لا يشتري لي ابي سوى الحذاء المطاطي ( البلاستيك ) واغلب تلاميذ صفنا كان يرتدونه لهذا يمنعنا المعلمون من تحريك اقدامنا وهي داخل الحذاء لأنها ترسل رائحة كريهة ( تطر اليافوخ ) .وقد يفقدون القدرة على تعليمنا .
وايضا كنا نعاني المشقة في السير بها اثناء الايام الممطرة لأنها من دون قيطان فتلتصق بالوحل وتخرج اقدامنا منها بسرعة فنضطر لحملها بايدينا والسير حفاة في الطين.
يوم نجحت من السادس اخبرت ابي ان جميع طلبة المتوسطة يرتدون حذاء جلديا وعليه ان يشتري لي واحدا ، وبالرغم من غيمة الفقر التي تعشعش على راسه رضخ للأمر الواقع لأنني الوحيد من عبر الابتدائية الى المتوسطة من ابناء هذا البيت الذي بناه جدي مهلهل من الطين مستعينا بهندسة بيت امبراطور اليابان.
ذهبت مع ابي ، وما زلت اتذكر رعشتي وخوفي وانا ادخل المكان لأول مرة بعدما كنت أتأمله من الخارج فقط.
لقد سكنني الفرح الغامر لأنني سأستطيع الان ربط قيطان الحذاء جيدا واسير في الطين بسهولة.