قصص مدينة الناصرية ..فيروز وراديو الشركة الافريقية ….نعيم عبد مهلهل

منبر العراق الحر :

في بداية سبيعينيات القرن الماضي بدأت اليابان ترسل شحناتها التجارية الكبيرة إلى العراق واغلبها أدواة منزلية عن طريق الشركة الافريقية والتي كنت افتش في سلعها المعروضة في البناية المجاورة لبلدية الناصرية على نهر الفرات ، افتش عن سلعة مصنوعة في دولة افريقية فلم أجد .ولهذا لا اعرف لماذا سموها الشركة الافريقية . لكن احد الاصدقاء اخبرني ان هذه الشركة المنتشرة وكالاتها في عموم العراق كانت مملوكة لاحد التجار وتم تاميمها في عام 1964 في زمن رئيس الوزراء الراحل طاهر يحيى .
ومنها اشترى اخي المرحوم عبد اليمة أول مذياع ( راديو ) يدخل بيتنا ، بعد ان اشتغل عامل بناء لشهر كامل ، وبعدها تم سوقه للجندية فترك المذياع معي وكان من النوع السانيو ، وتحملت انا شراء بطاريته عندما ( تجسي ) أي تنتهي مدة اشتغالها .
بفضل راديو السانيو هذا عرفت النهوض المبكر لصباحات المدرسة عندما كنت استمع إلى بلبل الاذاعة الذي تفتح به اذاعة بغداد بث برامجها ، وأتخيل أن أخي وهو في وحدته العسكرية في منطقة سبيلك في اربيل يسمعه ويستيقظ فيه الحنين إلى شارعنا وفيروز التي يحب سماعها كل صباح .
عالم الراديو اقترن بعالم فيروز ثم تغلغل إلى عوالمنا ، ربما لأنها الوحيدة من كانت توقظ فينا اللهفة إلى الشيء الغامض الذي يسكننا بغرام واحلام واشياء اخرى . وهي الوحيدة التي تستطيع ان تهيء لنا صباحتنا .ذلك إنك من المستحيل ان تسمع داخل حسن وناصر حكيم في أول الصباح ،فهؤلاء السحرة يجلسون معنا ليلاً ومعهم تجلس أغاني كوكب الشرق ونجاة الصغيرة وخضير حسن مفطورة .
اتذكر الآن احد الأصدقاء الأدباء من أمتلك موهبة النقد ، كان يقول حين ترى عنوان القصيدة او القصة جميلا ويجذبك تستطيع أن تعرف : إن صاحب هذا النص كتبه صباحا وهو يستمع إلى فيروز.
هذا الصديق اخذته حوادث الطرق يوم كان ذاهبا من الناصرية إلى كليته في بغداد في ذات صباح على طريق ناصرية ــ كوت ، وقتها بقيت فيروز تغني في مذياع السيارة حتى عندما انقلبت السيارة لعدت مرات وسقطت في ترعة بجانب الشارع .
بقيت فيروز تغني في ذات المكان وإلى الآن…
قد تكون صورة ‏‏‏يوميات‏، و‏فنجان قهوة‏‏ و‏نص‏‏

اترك رد