منبر العراق الحر :دخلت الحرب في قطاع غزة يومها الـ164 في ظل القصف الإسرائيلي المستمر وكارثة إنسانية بلغت حد المجاعة، دون أن يتوصل الوسطاء إلى منع إطلاق النار .
سجّلت عمليات قصف وإطلاق نار اعتباراً من فجر الإثنين في محيط وعند أطراف مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، وفق ما أفاد شهود ومصادر فلسطينية، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي أنه ينفّذ عملية في أكبر مستشفيات القطاع.
وهي المرة الثانية منذ اندلاع الحرب في غزة ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ينفّذ الجيش الإسرائيلي عملية في هذا المستشفى. وسبق للدولة العبرية أن اتهمت حماس باستخدام المنشآت الطبية غطاء لعملياتها، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.
وأعلن الجيش أنّه يُنفّذ عمليّة في منطقة المستشفى بشمال القطاع، في وقت قال شهود في المكان لوكالة “فرانس برس” إنّهم سمعوا دويّ قصف.
وأشار الجيش في بيانه إلى أنّ جنودا “يُنفّذون حاليا عمليّة دقيقة في منطقة مستشفى الشفاء”، مضيفا أنّ “العمليّة تستند إلى معلومات تُشير إلى استخدام المستشفى من جانب مسؤولين كبار من إرهابيّي حماس”.
اقتحام المستشفى
وفي وقت لاحق، أعلن الجيش الإسرائيلي اقتحام مستشفى الشفاء في غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، اليوم الاثنين إن قواته نفّذت “عملية دقيقة” في مجمع الشفاء الطبي في غزة وقع خلالها تبادل لإطلاق النار مع مقاتلين فلسطينيين.
وأضاف أن الجنود تعرضوا لإطلاق نار عندما دخلوا المجمع. وتابع “ردت القوات بنيران حية… تواصل قواتنا العمل في محيط المستشفى”.
”كثافة النيران”
وتحدثت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس عن “نشوب حريق على بوابة مجمع الشفاء الطبي ووجود حالات اختناق بين النساء والأطفال النازحين بالمستشفى”، مؤكدة “سقوط عدد من الشهداء والجرحى مع عدم القدرة على إنقاذ احد من المصابين بسبب كثافة النيران واستهداف كل من يقترب من النوافذ في جريمة أخرى ضد المؤسسات الصحية”.
على الأرض، تحدّث شهود عيان عن حدوث “عمليّات جوّية” على حيّ الرمال حيث يقع المستشفى.
وقال سكّان في هذا الحيّ إنّ “أكثر من 45 دبّابة وناقلة جند مدرّعة إسرائيليّة” دخلت الرمال. كما تحدّث البعض عن ”معارك” في محيط المستشفى.
وقال شهود عيان في مدينة غزّة إنّهم رأوا دبّابات تحاصر موقع المستشفى.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية عن سقوط قتلى وجرحى بمجمّع الشفاء وبأن النازحين محاصرون بداخله.
وأشارت وسائل إعلام الى اندلاع حرائق في بعض أجنحة المستشفى بسبب القصف المدفعي الإسرائيلي، وحصلت حالات اختناق بين النساء والأطفال النازحين بسبب الحريق بمجمع الشفاء.
على الأرض، تحدّث شهود عيان لوكالة “فرانس برس” عن حدوث “عمليّات جوّية” على حيّ الرمال حيث يقع المستشفى، الأكبر في قطاع غزّة.
ودان المكتب الإعلامي التابع لحكومة حماس في غزّة العمليّة، قائلًا إنّ “اقتحام مجمّع الشفاء الطبّي بالدبّابات والطائرات المسيّرة والأسلحة، وإطلاق النار في داخله، هو جريمة حرب”.
ويُخاطب الجيش الإسرائيلي السكّان عبر مكبّرات صوت، طالبا منهم ملازمة منازلهم.
وقال المكتب الإعلامي التابع لحكومة حماس إنّ مستشفى الشفاء يتعرّض “للقصف”، مشيرا إلى أنّ “عشرات آلاف النازحين” موجودون في المبنى.
وأوضح بيان الجيش أنّ القوّات الإسرائيليّة تلقّت “تعليمات بشأن أهمّية العمل بحذر، بالإضافة إلى الإجراءات الواجب اتّخاذها لتجنّب إصابة المرضى والمدنيّين والكادر الطبّي”.
وأضاف أنّ “أشخاصا يتحدّثون العربيّة أحضِروا إلى الموقع لتسهيل التواصل مع المرضى”، مشيرا إلى أنّ “المرضى والطاقم الطبّي غير ملزمين بالإخلاء”.
ونشر الجيش ما قال إنه مقتطف من مكالمة بين قائد مديرية التنسيق والارتباط ومسؤول في وزارة الصحة في غزة، يؤكد فيها المسؤول الإسرائيلي رصد “نشاطات عسكرية في المستشفيات… ونحن حذّرنا منها في السابق”.
ونفت الفصائل الفلسطينية الإثنين استخدام المستشفيات لأغراض عسكرية.
وقالت في بيان “نؤكد كذب روايات الاحتلال وادعاءاته الباطلة فالمشافي مؤسسات صحية مدنية لم تمارس منها أي أنشطة تتعارض مع وظيفتها ومهامها المحددة وفق القانون الدولي والإنساني”.
واعتبرت أن “استهداف المشافي هو استكمال لحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني”، وهدفه “عدم توفير أي فرصة لنجاة الجرحى والمرضى وعلاجهم”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد دخل هذا المستشفى في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم، وبات المرفق يعمل حاليا بالحدّ الأدنى وبأقلّ عدد من الموظّفين.
وبعد تلك العمليّة الكبرى، قال الجيش الإسرائيلي إنّه عثر على ”ذخيرة وأسلحة ومعدّات عسكريّة” لحماس في مستشفى الشفاء، وهو ما نفته الحركة الإسلاميّة.
وذكر الجيش الإسرائيلي أيضا أنّه اكتشف نفقا بطول 55 مترا قال إنّه يُستخدم “لأغراض الإرهاب” تحت مستشفى الشفاء في غزّة، داعيا الصحافيّين إلى تفقّده.
ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، شنّ الجيش الإسرائيلي عمليّات في مستشفيات عدّة في القطاع الفلسطيني. وهو يتّهم حماس باستخدام المرافق الصحّية مراكز للقيادة.
وتقول الأمم المتحدة إنّ أقلّ من ثلث المستشفيات في قطاع غزة يعمل حاليا، وبشكل جزئيّ فقط.
وتضرّرت 155 منشأة صحية في قطاع غزة منذ بدء الحرب، وفق الأمم المتحدة.
وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر على بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، تستمر حصيلة الضحايا في الارتفاع في القطاع الفلسطيني المهدد بالمجاعة مع مقتل 31645 شخصا منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بحسب وزارة الصحة.
ولجأ معظم النازحين بسبب الحرب، ويبلغ عددهم 1,7 مليون نسمة بحسب الأمم المتحدة، إلى مدينة رفح الواقعة على الحدود المصرية المغلقة والتي تتعرض لقصف إسرائيلي يومي.
وأكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد مجددا تصميمه على اجتياح رفح التي يعتبرها آخر “معاقل” حماس، قائلا إلى جانب المستشار الألماني أولاف شولتس إن الهجوم ”ليس أمرا سنفعله تاركين السكان محاصرين فيها”، في حين يخشى المجتمع الدولي تداعيات هذه العملية.