نفاق لم أشهده إلا في العراق! بقلم العارف الحكيم عزيز الخزرجي

منبر العراق الحر :

في العراق تناقضات و فساد و نفاق لم أشهده في عرض التأريخ و طوله .. لأني قرأت تأريخ هذا البشر الذي رغم فساده و ظلمه و جهله ؛ لكنه لم يذكر أن فعله إلا الأحزاب و الكتل السياسية التي حكمت العراق مذ نزول آدم عليه و على نبينا السلام !
تقول الكاتبة (تبارك عبد الحميد) ؛
الأقمشة بدل المقاعد.. هل أصبح افتراش الأرض لتلقي التعليم واقعاً مفروضاً؟

في مشهد يلفه التعب والمعاناة و الكآبة و الحزن، تفترش طالبات أقمشة ملونة و يجلسن عليها، واحدة تلو الأخرى، على طول جدار الصفوف المطلة على الباحة الخارجية .. لم يكن هذا الجلوس للراحة أو اللعب، بل لتأدية الامتحان الأخير من العام الدراسي.

مقابل هذه الصورة الحزينة و المؤلمة يجلس مجموعة من عتاوي السياسة الإستكبارية – الشيطانية من قادة الأحزاب الجاهلية العراقية المتحاصصة لقوت الفقراء في مكان مجلل و مكيّف مفروشة بآلسجاد الفاخر إلى جانبهم صحون الكيك و البقلاوة والحلويات الكربلائية, مدّعين بأنهم يقيمون الفاتحة على أرواح (شهداء الجمهورية الأسلامية في حادثة سقوط طائرتهم على حدود إيران و آذربيجان), بينما هم أبعد ما يكونوا عن نهج أؤليك الأخيار الصالحين .. فكروشهم و خدودهم المتدلية و وجوهم العفنة التي تتقطر منها الدهون و الجراثيم نتيجة أكل الحرام و عيونهم المحدقة و هي تخطط لخطف مستقبل الأجيال تحكي بوضوح قصة النذالة و النفاق و الضلال من بعيد .. و ما مدّعياتهم بآلسير في خط الإسلام و الولاية إلا ذريعة لإتخاذهم أي(الاحزاب) العراقية ألمتحاصصة – بطانة لنهبهم أموال العراق و سرقة أموال الفقراء و أموال تلك الطالبات الحزينات اللواتي إفترشن الأرض لأداء أمتحانات مقدسة في العراء!؟

كانت الصورة التي التقطها أحد أولياء الأمور في كربلاء، مشهداً صارخاً يلخص واقع التعليم في العراق و واقع نفاق المتحاصصين!
يجلسن متربعات لضم ورقة الامتحان، في محاولة للتركيز وسط تلك الظروف الحزينة. الأقمشة الملونة التي يبدو انهن جلبنها من منازلهن كانت السبيل الوحيد لهن للجلوس، بينما يستلقين عليها لمحاولة تقديم أفضل ما لديهن في الامتحانات، رغم كل الصعوبات التي تحيط بهن. يقترب العام الدراسي من نهايته، ومع ذلك، نستذكر وجود طلاب افترشوا الأرض من أجل الوصول إلى التعليم، بينما تحمل أولياء أمور بعض الطلاب تكاليف اقتصادية نتيجة لنقص في الكوادر التدريسية. وكانت الحالة أسوأ للطلاب في الأرياف، حيث لم يجدوا مدرسة تضمهم بشكل كافي، مما دفعهم إلى مواصلة دراستهم تحت بنايات “كرفانية”.

تقول نور الخفاجي (تدريسية)، إن “العام الدراسي الحالي شهد سوءًا في توزيع الكوادر، حيث تأثرت العديد من المدارس بنقص حاد حتى نهاية العام، مما دفع العديد من الأهالي إلى الاعتماد على القطاع الخاص أو اللجوء إلى التعليم عبر منصة اليوتيوب”.

نقلت الخفاجي لـصحيفة(المدى) استياءها الكبير جراء حرمان العديد من الطلاب التعليم الجيّد بسبب سوء البنية التحتية للمدارس والشوارع، وأشارت إلى أن “الطلاب أحيانًا يضطرون للغوص في وحل الطين للوصول إلى صفوفهم”، وأكدت أن “بعض المدارس ليست معبدة حتى من الداخل، بالإضافة إلى تعرض جدران الصفوف للانهيار الشامل خلال الأمطار والعواصف، مما يضع الطلاب في خطر مستمر”.

أوضحت الخفاجي أيضًا مشكلة الاكتظاظ والدوام المزدوج في المدارس التي تسببت في عدم توفر مقاعد دراسية لغالبية الطلاب، مما يضطرهم إلى “الافتراش على الأرض للدراسة”. وأضافت: “قد تكون هناك قرارات جيدة اتخذتها وزارة التربية خلال هذا العام، ولكنها لم تصل حد التعامل مع المشاكل الجوهرية التي يعاني منها التعليم”.

و وصفت الخفاجي السنة الدراسية الحالية بأنها “قريبة من السيئ”، مع استحضار الحزن لفاجعة طلاب البصرة، حيث وجَّهت اللوم بالكامل إلى “الجهات المعنية التي قصرت في أداء دورها الحقيقي في المتابعة والمراقبة، وضمان الأمان للطلاب”، فيما طرحت تسائلا “هل أصبحت مشاهد الجلوس على الأرض وأداء الامتحان، واقعاً مفروضاَ اعتادته الحكومات؟”.

يؤكد علي حاكم، الناشط في مجال التعليم ومؤسس المدرسة الحرة لـ(المدى)، على ضرورة وجود معايير ومؤشرات لتقييم واقع التعليم قبل بدء العام الدراسي وبعد انتهاء الامتحانات النهائية، ويرجع أهمية هذه المعايير إلى “دورها المهم في تحسين السياسات التعليمية ورصد الإخفاقات ومتابعة تنفيذ القرارات الحكومية”، وأشار إلى أن “غياب الشفافية في العراق يجعل من الصعب الوصول إلى هذه المعلومات”.

وعبر حاكم عن استيائه من عدم رؤية أي تقدم في تنفيذ الستراتيجية الوطنية للتعليم التي تم اعتمادها خلال العام الجاري، مشيرًا إلى أن ذلك يعود إلى ضعف الآليات وغياب البرامج والأنشطة التي تدعم التعليم وتساهم في تطويره.

ورغم التحسن النسبي في البنية التحتية للمدارس وتجسيدها في إنشاء مدارس جديدة وتأهيل مدارس قديمة خلال هذا العام، إلا أن حاكم يرى أن هذا “التحسن لن يكون كافيًا ما لم يتم التركيز على تطوير الكادر التربوي وتحسين السياسات التعليمية”.

ومن جانبه، أثنى حاكم على بعض القرارات البسيطة التي اتخذتها وزارة التربية، ولكنه أكد على أنها لا تعالج الجذر الحقيقي لمشاكل التعليم “لاتزال المشاكل تدور قي ذات الحلقة، معبرًا عن شكوكه في “وجود تحرك حقيقي لتنفيذ الستراتيجية الوطنية للتعليم “لم نر منها سوى حفل الاطلاق”.

علي حاكم، الذي يعمل في المجال التعليمي منذ سنوات، سعى خلال العام الدراسي الذي يوشك على الانتهاء، تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية داخل المدارس، وقد قام بإطلاق أول بودكاست عراقي للأطفال، ونقل تجربة التعليم في منتديات دولية، فيما اطلق حملة لتوزيع المستلزمات الدراسية لطلاب الصفوف المنتهية، استهدف فيها على وجه الخصوص طلاب القرى والارياف.

وفقًا لنقيب المعلمين في العراق، عباس السوداني، فإن العام الدراسي الحالي تميز عن الأعوام السابقة، ويرجع ذلك إلى صدور قرارات وزارية اعتبرها “جيدة”، مثل قرار الاعفاء الذي حفز الطلاب على القراءة والاجتهاد. كما جاءت تلك القرارات بالتزامن مع الاستقرار الأمني الذي شهدته البلاد، وفقًا لتقديره.

يقول السوداني لـ(المدى)، إنه “بالرغم من بعض الخطوات الإيجابية، إلا أن الوزارة لم تصل بعد لمستوى الطموح”. ويرى أن “المبالغ المالية التي خصصت في الموازنة لقطاع التعليم، خجولة وأربكت عمل وزارة التربية في تقديم الخدمات”.

وفيما يتعلق بملف البنية التحتية للمدارس الطينية في القرى والأرياف، وصف السوداني حلول الوزارة بأنها “ترقيعية”، حيث لا بعد لائقا استخدام الكرفانات كمدارس مخصصة للتعليم. وأضاف أن “مدارس القرض الصيني اكتمل منها ما يقارب 150 مدرسة، ولا يزال هناك 550 مدرسة في بغداد والمحافظات”.

وفي ختام الحديث، يؤكد نقيب المعلمين على وجود حاجة ملحة لثورة تعليمية، حيث يشير إلى وجود ضرورة لإنشاء ما يقارب 8000 مدرسة جديدة. وطلب أن تكون لهذا الملف أولوية حكومية، لضمان تحسين جودة التعليم و وصوله لجميع الطلاب.

أنه نفاق لم أشهده إلا في العراق و في أقدس بقعة في الأرض (كربلاء) التي لم يفهم حقيقتها حتى الكربلائيون!
نقطة أخيرة ؛ أتذكر الأمام الراحل الذي زرته نهاية السبعينات في آلنجف في أيام الصيف الحارة؛ يعيش كما يعيش أي فقير بلا مكيّفات ولا برّادات ؛ و عندما سأله أحد الحاضرين عن سبب منعه إستخدام المكيفة .. خصوصا و إن أجواء إيران أبرد من العراق و العائلة لم تتعود على مثل تلك الأجواء الحارة ؟ أجاب:
إنما أواسي شعبي المنتفص , فأكثر العائلات في إيران لا تملك أجهزة التبريد و أنا لست أفضل منهم!؟
لكن أين ذلك الأمام العظيم و قادة الأحزاب الأسلامية المنافقة في العراق التي لم تُثّقف نسها إلا على الفساد و لقمة الحرام فحولت العراق إلى جحيم لا يطيقه المؤمن الغيور الأصيل, نتيجة سياساتهم الجاهلية التي جعلت العراق مستعمرة – بل دون مستعمرة – لكل مستكبري العالم مقابل ملء جيوبهم و جيوب أحزابهم العفنة النتنة.
العارف الحكيم عزيز الخزرجي

اترك رد