لا يختلف اثنان على كون الصربي نوفاك ديوكوفيتش، أحد أفضل اللاعبين على مر العصور في لعبة التنس، إن لم يكن الأفضل بالفعل بعد كل الإنجازات والأرقام القياسية التي حطمها.

وكانت آخر تلك اللقطات في بطولة ويمبلدون هذا العام، وتحديدًا في الدور الرابع أمام الدنماركي هولجر رون.

فقد حرصت الجماهير على دعم رون واستغلال ذلك الأمر باستفزاز ديوكوفيتش أيضًا، من خلال نطق حرف الواو في اسم رون بصورة ممددة ليصبح الصوت أشبه بصافرات استهجان موجهة ضد الصربي.

وهاجم نوفاك، الجماهير في تصريحات عقب المباراة متهمًا إياهم بعد احترامه، بل وسخر منهم بجملة “Good Night” من خلال نطق حرف “O” بصورة ممددة أيضًا، مشيرًا إلى تواجده في جولة التنس منذ أكثر من 20 عامًا ويعرف جميع الحيل.

ويبقى التساؤل الآن بشأن السبب وراء عدم امتلاك ديوكوفيتش الشعبية الجارفة التي يستحقها، وتفضيل الجماهير للثنائي روجر فيدرر، ورافاييل نادال على حسابه.

فيدرر ونادال

يبقى السبب الأبرز وراء العداء الجماهيري لديوكوفيتش، هو كسره لهيمنة الثنائي روجر فيدرر، ورافاييل نادال.

فمنذ عام 2005 وحتى 2010 سيطر الثنائي بصورة واضحة على البطولات الكبرى والتصنيف الأول والثاني عالميًا، مع فوز ديوكوفيتش على استحياء بالبطولات الكبرى في تلك الفترة مثل أستراليا المفتوحة 2008، وصعوبة تغلبه على الثنائي.

واعتادت الجماهير على ذلك المشهد، وعشقت بجنون المنافسة الثنائية بين فيدرر ونادال ومواجهتهما التاريخية في نهائيات البطولات الكبرى، وصناعتهما لحقبة تاريخية وصلت إلى أوج عطائها في نهائي ويمبلدون التاريخي عام 2008.

ووجدت الجماهير في تلك الثنائية كل ما تحتاج إليه من أناقة فيدرر وسلاسة أسلوب لعبه، الأمر الذي واجهه نادال بالعضلات الجاذبة للنظر، والتسديدات القوية ذات الدوران الهائل، إضافة إلى تمتعهما بعلاقة طيبة خارج الملعب.

وكانت الجماهير تتوقع أن يجد الثنائي بعض التحديات من ديوكوفيتش، لكنها لم تتوقع أن تحدث هيمنة تامة من قبل الصربي، ويتحول لأحد أضلاع الثلاثي الكبير في عالم الكرة الصفراء بدءًا من عام 2011.

وحطم ديوكوفيتش كل الأرقام القياسية التي يمتلكها الثنائي، وبات أكثر من توج بألقاب الجراند سلام وبطولات الأساتذة والبطولة الختامية في التاريخ، وأكثر من اعتلى صدارة التصنيف العالمي، كما تفوق على الثنائي في المواجهات المباشرة.

وكان على بعد مباراة واحدة من الفوز بكل ألقاب الجراند سلام في عام ميلادي واحد في 2021، ونجح في التفوق على نادال في معقله التاريخي رولان جاروس مرتين.

كما تفوق على فيدرر في معقله التاريخي ويمبلدون في 3 نهائيات من بينهم نهائي 2019 الشهير، وأصبح بالأرقام اللاعب الأفضل على مر العصور، وهو اللقب الذي تنافست بشدة من أجله جماهير فيدرر ونادال.

اللقاح

أثار الصربي ضجة كبيرة برفضه تلقي لقاح كوفيد 19، وهو القرار الذي تحول إلى مشهد عالمي في بطولة أستراليا المفتوحة 2022، عندما بلغت الأزمة ذروتها بترحيله من أستراليا.

ولم يؤثر ذلك القرار على صورته العامة وحسب، بل أثرت أيضًا على إنجازاته حيث كان المرشح الأبرز للفوز باللقب حينها، كما تم حرمانه من المشاركة في أمريكا المفتوحة 2022، وكان أيضًا المرشح الأبرز للفوز باللقب.

ولم يكتف ديوكوفيتش بذلك، بل وفي ذروة تفشي وباء كورونا ومع توقف البطولات أو إقامتها بدون حضور جماهيري، أقام حدث استعراضي في مسقط رأسه بمشاركة عدد من اللاعبين وبحضور جماهيري كبير ما تسبب في إصابته نفسه بفيروس كورونا إلى جانب آخرين.

وقال ديوكوفيتش في هذا الشأن في أبريل/نيسان 2020: “أنا شخصيًا أعارض التطعيم، ولا أريد أن أجبر على تلقي اللقاح من أجل السفر، وإذا كان الأمر إلزاميًا، فسيتعين علي اتخاذ قرار. لديَّ أفكاري الخاصة حول ذلك الأمر”.

تحطيم المضارب

تتم مقارنة سلوك ديوكوفيتش دائمًا بفيدرر ونادال وخاصة في تحطيم المضارب للتعبير عن الغضب أثناء المباريات، ففي الوقت الذي كان يحطم فيه السويسري المضارب في بداية مسيرته، إلا أنه توقف عن ذلك تمامًا بعد وصوله لقمة اللعبة.

أما نادال فلم يعرف عنه تصدير تلك الصورة السيئة، في الوقت الذي حطم فيه الصربي عشرات المضارب بمختلف البطولات التي شارك بها وكان أبرزها تحطيمه المضرب في خسارته أمام كارلوس ألكاراز في نهائي ويمبلدون 2023.

إثارة الجدل

دائمًا ما يثير ديوكوفيتش الجدل بتصريحاته المتحدية للجماهير، ففي نهائي ويمبلدون 2019 عندما كانت الجماهير تهتف لفيدرر: “روجر! روجر”، قال نوفاك إنه كان يستمع إليها، وكأنها “نوفاك، نوفاك”.

وفي نصف نهائي ويمبلدون 2023 أمام يانيك سينر، سخر من الجماهير الداعمة للإيطالي بإيماءة البكاء بعد فوزه بأحد النقاط.

وهناك أيضًا من يتهم ديوكوفيتش باستخدام بعض الحيل للتفوق على خصومه عندما لا تسير الأمور بصورة جيدة، مثل استدعاء الطبيب المعالج لكسر إيقاع خصمه، أو الحصول على فترات التوقف بين المجموعات.

كما تم استبعاده من الدور الرابع لبطولة أمريكا المفتوحة عام 2020، بعد تسديده كرة تجاه حكم الخط، إلى جانب انسحابه من العديد من المباريات في بداية مسيرته بسبب الإصابة أو الإعياء كما حدث في أستراليا المفتوحة 2009، وهي كلها أمور قللت كثيرًا من شعبية النجم الصربي بالمقارنة مع فيدرر ونادال.