منبر العراق الحر :
من سُنَن الحَياة وثوابتها في مُجتمعنا ، أن (بنادَم) الذي هو بالعربي الفصيح – إبنُ آدَم – حين يبلغ الثامنة عشرة من العمر يكون قد ظهرَ له سِن العقل ، واكتسَب الدرَجة القطعيَّة التي تؤهله لنَيل ما لهُ من حقوق ، وأداء ما عليهِ مِن واجبات٠
وأول حقوق بالغ سِن العقل اجتماعياً هو حَق (العرس) وتكوين العائلة ، وعشائرياً حَق مُجالسَة العمام والخوال وكبار القوم في مضيف العشيرة ، ومُشاركتهم الحديث عن خطط وبرامج العمل التي تخص أمن العشيرة وعلاقاتها الداخلية والخارجية ، وربَّما الدولية في الأنظمة التي تَسمَح لشيوخ العشائر بالتفاوض نيابة عنها وتمثيلها في مؤتمرات تعزيز السيادة الوطنية٠
ويصبح مِن حَق (الزِلمَة) أيضاً ان يقترح تغيير أو تحوير وتطوير أساليب الگوامة واخذ العطوة ، وتحديد مقدار وجنس الديَّة والفصل -أخذاً أو إعطاءً- شَرط أن يلتزم بسياقات خَض فنجان الگهوة في ديوان العشيرة ولا يقول للگهوچي (كافي) حين يكتفي٠
اما قائمة الواجبات التي لا مَفر منها لبالغ سِن العقل ، فانَّ أولها وأهمها هو حَتمية مُراجعة دائرة تجنيده للحصول على دفتر الخدمة العسكرية الذي يختصر وصف وجوده الآدمي والعشائري والوطني بحرفين لا ثالث لهما ( ج٠م ) بمعنى جندي مُكلف لمَن لا يَحمل شهادة ، وبثلاثية (ج٠م٠خ) لأبو الشهادة الدبلومية أو البكلوريوسية أو الدكتوراتية اللواتي ينوب عنهنًّ جميعاً حرف (الخاء) الذي فَشَل في استثاء صاحبِه الخرّيج من لزوميّات شرب الماء بالبريج٠
وراهه (هاي اللي الله كتبهه عليك يبنادم)٠٠ بسطال وبيرية ويطغ ، ومن مُعسكر لمُعسكر ، ومن ساحة عرضات الى ميدان رمي ، ومن ولاية الى اخرى لتظل على أهبة الاستعداد لحماية سيادة وطنك ، والدفاع عن هَيبَة دولتك التي آوتكَ مِن بَردٍ وحَمتكَ مِن حَر فأنقذتكَ من جنون وجميع فنون الشَر٠٠هذه الهَيبَة وتلك السيادة اللتان لم يَخطُر على بالكَ يوماً انهما سَتضيعان برَمشَة عين حين تحكم الوَطن وتصر على ادارة الدولة طبقة سٍياسيَّة عَبَرت الثامنة عشرة من العُمر وما زالت أسنانها لبنيَّة وستظل لبنيَّة ، ولم يظهر لها (سِن العقل) الى أن يعجل الله فرجه !!