منبر العراق الحر :….حاوره: أحمد الحاج….
واجب الوقت الآن هو أن نغرس للتثبيت والتحصين والله يتولى النصر والتمكين .
* أحذر من معوقات الحضارة والنهضة المتمثلة بـعدم القدرة على إدارة الوقت وبـ الانهزامية وقد أفردت محاضرة لكل منهما .
لا يخفى على ذي لب ما للعمود والمقال فضلا على الحوارات الصحفية والتحقيقات الاستقصائية والأدب زيادة على “التدوين المرئي” والبودكاست من أثر كبير في تشكيل الوعي الجمعي إما سلبا أو إيجابا لعامة الأمم والشعوب في عصر المعلوماتية والمجال الرقمي الذي حول العالم الى قرية صغيرة وما أحوجنا اليوم الى نصوص مكتوبة ومقروءة ومسموعة تقدم بنفس قصصي شائق،وبأسلوب أدبي ماتع، تزاوج بين الحداثة والأصالة، فأما حداثتها فالغاية المرجوة منها هي مخاطبة الأجيال الصاعدة بلغة أقرب الى قلوبهم والى عقولهم ليفهموها مليا، وأما الأصالة فهدفها الارتقاء بذائقة الأجيال الى أفق أرحب و” تثوير الوعي” وإحداث العصف الذهني المطلوب لديهم ، مقابل تجنب ” تنميط العقل الجمعي أو تسطيحه أو تخديره أو تغييبه أو تغريبه ” كما تفعل مؤسسات وجهات عديدة تجد نفسها وتحقق مصالحها وغاياتها الخبيثة من خلال الثانية ،في ذات الوقت الذي تقف فيه خصما عنيدا أمام الأولى التي تتعارض كليا مع مصالحها وتتقاطع تماما مع أهدافها ، ولا غرو بأن تثوير الوعي والتبصير الذي ننشده لا علاقة له بما يسمى تجاوزا وجزافا بـ “التنوير”لما لحق بهذا المصطلح من مثالب ورزايا لا تعد ولا تحصى وبما لا يخفى على باحث ملم ولاسيما لارتباط التنوير بحركات الاستشراق والتغريب العابرة للحدود،بينما هدفنا هو نشر الوعي الهادف بين الشباب وتبصرتهم بما ينفعهم في حاضرهم ومستقبلهم وفي مجمل حياتهم العملية والثقافية والأسرية والإجتماعية والمهنية ” بعد أن أفسدت ذائقتهم،وسطحت معارفهم، وغربت قيمهم العولمة الوافدة ، والفضاء السيبراني بقضه وقضيضه حتى أدمنوا استقاء المعلومات منهما حصريا دونا عن الكتب المعتبرة أسوة بالمراجع والمصادر المعتمدة وبما جعلهم يستغنون عن القراءة الجادة كليا أو جزئيا مكتفين بتلقي معلومات سريعة ومبتسرة أشبه ما تكون بأكلات التيك أواي وجلها إن لم يكن كلها إما غرائزي أو طائفي أو أيديولوجي أو خيالي وأسطوري أو مزيف، وبما لا يسمن ولا يغني من جوع في عصر التصحر المعرفي، والجدب الثقافي ، وحبذا لو كانت النتاجات التوعوية ، المقروءة منها والمرئية والمسموعة مقدمة بطرق جذابة ولافتة وغير تقليدية تحاكي الواقع المعاش ولا تهرب منه ، تارة “ميثولوجيا أو نوستاليجيا أو ميتافيزيقيا” الى الوراء،وأخرى ” طوباويا أو ديستوبيا أو ساينتولوجيا ” الى الأمام ، فنحن بحاجة الى مناقشة وقراءة حاضرنا مشفوعا باستلهام العبر والعظات الملهمة من ماضينا المشرق،لصياغة واستشراف مستقبلنا الواعد وبما يعرف بـ” Futures studies أو Futurology” وبأساليب تخلب الألباب لتزهر بصائر متوقدة، ووعيا ثاقبا يحقق الغاية المرجوة، وليترجم الأهداف النبيلة المنشودة للعباد والبلاد على سواء.
و للغوص أكثر في أعماق منظومة صناعة الوعي المتقد ،ونشر الأفكار المبدعة الخلاقة ، وغرس القيم المعتبرة بطرق مبتكرة حاورنا التربوي العراقي وصانع المحتوى التوعوي النبيل الهادف الذي يحظى بمئات المتابعات،والآف المشاهدات الاستاذ علاء ياسين ، وبادرناه بالسؤال الأول :
* ماذا تقرأ بطاقتك التربوية والدعوية ؟
-أنا مهتم بمجال نشر القيم وأساليب غرسها في النفس البشرية ،كما أنني تدريسي في مدرسة البيارق النموذجية، والحق يقال فلقد لاحظت ومن خلال المتابعة المجتمعية ورصد بعض الحالات التربوية السلبية بأنها قد أخذت تقنن السلوكيات الخاطئة حتى أصبحت جزءا من الشخصية العامة بعد أن تأصلت فيها منذ الصغر الأمر الذي قدح في ذهني فكرة تصحيح هذه الآفات المجتمعية ،والتنبيه عليها،والتحذير منها وذلك عبر مقاطع تربوية هادفة، كل ذلك على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة ولا سيما وأنني أتمتع بمهارة كتابة سيناريو الأفلام القصيرة علاوة على منتجتها حيث بدأت بتصوير الفيديو الأول وكان بعنوان(الإهمال في تربية الأولاد)، لتستمر بعد ذلك السلسلة التربوية والتوعوية الهادفة بعناوين مختلفة ومضامين متنوعة اضافة الى الظهور في برنامج تربوي قيمي يحاكي الشباب لنشر الوعي وتصحيح المفاهيم وغرس القيم المجتمعية فيهم ،ومن الله التوفيق.
* ما هي الأساليب التي تعتقد بأنها الأكثر تأثيرا والأكبر أثرا في مجال غرس القيم المجتمعية ، ونشر الأفكار النافعة ، وصناعة الوعي المتقد، ولاسيما بين شريحة الشباب في ظل الفوضى الرقمية العارمة التي تجتاح العالم من أقصاه الى أقصاه ؟
-قال تعالى في محكم التنزيل (قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)..
فمشعل النور هنا نقصد به الدعوة إلى الله تعالى وتعريف الناس به سبحانه جل في علاه على بصيرة وتقوم هذه الدعوة على أساسين (معرفة الحق ،ورحمة الخلق) ومن هنا جاء هاشتاج #العلم_وسيلة_الرحمة_غاية ، فهذه ضرورية لصناعة العالم الربانيّ وتهيئة الداعية الحصيف كما جاء في قوله تعالى: (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً)، وتقديم الرحمة في الآية على العلم من باب تقديم الغايات على الوسائل، فالرحمة غاية والعلم وسيلة، وفي الآية إشارة بليغة ، وهي : أن الرحمة في الدعوة والعلم في الفتوى من آثار اتصاف العالم بالعبودية ؛ فعلى قدر عبوديته تكون رحمته وتظهر حقائق علمه، ويجب على كل داعية ومرب أن يلتزم بالرحمة كغاية يسعى إليها بكل ما أوتي من وسيلة وإذا كان موسى عليه السلام وهو النبيُّ الرسولُ قد احتاج في مقام تلقيه العلم من العبد الصالح إلى الرحمة ؛ فحاجة العاميّ أو طالب العلم إلى الرحمة من معلمه أو استاذه من باب أولى …
لقد فتح القران الكريم والسنة النبوية باب التطوع للدعوة الى الله وذلك في قوله تعالى ( قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) وقوله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ومشاعل النور في القرآن الكريم فمؤمن آل فرعون الذي يكتم إيمانه يقول (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ)، بينما تحول سحرة فرعون من مشاعل نار الى مشاعل نور بقولهم (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ .
ومن السيرة النبوية العطرة قصة اسلام الطفيل بن عمرو الدوسي ،وكيف أرسله الحبيب المصطفى ﷺ إلى قومه مشعل نور فما أحسن في بداية أمره ولم يتبعه إلا القليل فأرشده الى الرفق بقومه وعلمه بأنه مشعل نور لا نار ،ولا سيما وأنه قد سأل النبي ﷺ ،بأن يدعو على قومه فلم يفعل عليه الصلاة والسلام ولكن أمره بالرفق ففعل فأسلم على يده ٨٠ بيتا من قبيلته دوس .
أما عن أجور المتطوعين لهداية الناس فنجدها في الحديث عن علي رضي الله عنه في خيبر (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) وحديث (من دعا الى هدى كان له مثل أجور من دعاهم….).
فمشاعل النار كان يتقدمهم فرعون وهو الرمز الأكبر في هذا المجال لقوله تعالى ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار) وقال تعالى عن الذين تزعموا اضلال الناس بدلا من هدايتهم (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم) وفي ذلك قال ﷺ (ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا) .
وأنوه الى أن خيرية الإنسان المسلم مشروطة بحسن تعلم القرآن وتعليمه ، وقد كان لي محاضرة مهمة عن فضل العمل بالقرآن الكريم ومراتب الخيرية في التعامل معه على هامش دورات القرآن الصيفية المباركة وفي ختامها ، فالقرآن شفاء وضياء وهناء وصفاء، وهو حبل الوصل بيننا وبين رب الأرض والسماء، وبه نضبط علاقتنا بالأحباب والأعداء؛ لا حرمنا الله من صحبته صباح مساء.
والخلاصة هي أن الدعوة الى الله تعالى ليست حكرا على الأنبياء والعلماء وإنما هي إرث نبوي مشاع بين المسلمين رجالا ونساء وكبارا وصغارا فكونوا مشاعل نور فالوقت عصيب والحاجة ملحة.
*ما أحوجنا اليوم الى الدعاة والمرشدين الواقعيين الميدانيين العاملين ، فهل هناك خطة عمل في هذا الاطار الغائب جزئيا إما تكاسلا أو سهوا عن الساحة ؟
-الحقيقة لابد للدعوة من أدوات ومنها الرفق بالمدعو، ومنها ضرورة خروج الناس من دائرة التأثر بما يلقيه الداعية الى دائرة التأثير بالأهل والأصحاب والأقارب وزملاء ، والإسلام دين ودنيا وعمل وعبادة، فديننا الحنيف يربط بين الجانب الروحي والمادي، لا كما تدعو وتروج له المجتمعات المادية من أن الدين أمر شخصي بحت محصور في محراب المسجد فقط، فهذا تقزيم وبتر لجوهر الدين الحقيقي الذي يمثل علاقة العبد بربه والعلاقة التكافلية والرابطة الأخلاقية بين العباد، فقد جعل من الابتسامة في وجه أخيك صدقة، وجعل من إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، ومن إقامة العدل في القضاء، ومن الأخلاق الحسنة عند مواجهة العدو، ومن القوة والأمانة في ممارسة سياسة الناس، كلها أعمال تقرب العبد من ربه وتمثل حقيقة وأثر العبادات الروحية في العلاقة بين العبد وربه، هذا أمر،أما الأمر الآخر فلينتبه الأحباب عند المزح بأن يترفعوا عن الألفاظ النابية التي فيها هتك للأعراض والكذب وترويع المسلم بحجة المزح فإن هذا كله من المنهيات ومن خوارم المروءات، وواجب الوقت الآن أن نغرس للتثبيت والتحصين والله يتولى النصر والتمكين .
كما لايفوتني هاهنا التذكير بأهمية الوقت وقد خصصت لذلك ورشة عمل للأولاد بعنوان (مهارة ادارة الوقت) لأن الوقت هو الحياة .
كما وأحذر من معوقات الحضارة والنهضة المتمثلة بـ ( الانهزامية ) وقد أفردت محاضرة خاصة لها أيضا .
* من أنشطتك التوعوية مشاركتك القيمة في الملتقى الدولي السادس للشباب التي أقيمت في تركيا حبذا لو حدثتنا عن ذلك ولكن بإيجاز .
– لقد أقيم الملتقى الدولي السادس للشباب تحت عنوان “الشباب وأمواج التغيير” في مدينة سامسون التركية بمشاركة أكثر من 200 شاب، اضافة الى فعاليات الشابات التي في مدينة إسطنبول بمشاركة 120 شابة من 25 دولة ، حيث تضمنت الفعاليات محاضرات ودروس في العلم والفقه والتوعية والتواصل الفعال علاوة على صياغة خطة عمل هادفة وفاعلة على وفق برنامج عملي تنموي تطويري شارك فيه قادة وأساتذة ودعاة ومن مختلف بلدان العالم الإسلامي، في اطار قضايا الأمة المعاصرة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
* أنت ناشط في مجال الدعوة والتربية المدرسية والرقمية على سواء ولا يكاد يمر يوم إلا وتنشر فيه من خلال صفحاتك على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا تربويا هادفا تارة عبر البث المباشر أو خلال رحلة مدرسية أو ندوة ثقافية أو حلقة قرآنية ، فما هي أهم الأسباب والمعطيات الموضوعية التي دعتك الى بذل كل هذا المجهود المضني المبارك ؟
– عندما نرى نسمع وعلى مدار الساعة جرائم الاباحية والقتل والمخدرات والانتحار والاتجار بالأعضاء البشرية والابتزاز الالكتروني اضافة الى الإغواء وقرصنة الحسابات وترويج الإلحاد زيادة على المحتوى الهابط الذي تقدمه الفاشينيستات والانفلونسريات وأشباههن من صناع هذا النوع من المحتوى من خلال ما بات يعرف بـ” الديب ويب” و” الدارك ويب”وكل ذلك من دون رد مقابل يوازيه في القوة ويعاكسه في الاتجاه وبما لا يعفينا من المسؤولية أمام الباري عز وجل ، كل ذلك دفعني الى صناعة محتوى تربوي هادف وبما يحلو لبعضهم تسميته بـ” الوايت ويب ” أو ” الفضيلة ويب ” ليمثل مواجهة حقيقية وفاعلة بين “المحتوى النابض ” من جهة ، وبين المحتوى الهابط ” من جهة أخرى ، أما عن أسباب التقصير غير المحمود لبعض الناشطين فمرده أحيانا الى قلة الخبرة بعوالم وتقنيات الفضاء السيبراني من قبل بعض الفضلاء ، وربما لخشية بعضهم من الدخول في مهاترات علنية و مماحكات مع السفهاء والدخلاء ممن لا ينقاشوا لينتفعوا أو يتعلموا وإنما ليسفهوا المقابل ويحطوا من قدره ومن قيمة ما يقوله فحسب ولابد لنا من إعداد المعلم الرسالي الذي أرجوه بصدق واخلاص لإشاعة ونشر ثقافة المجالدة في الحياة ولنشعر بطعم النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة .
وبفضل الله تعالى فقد أتممت البرنامج التفاعلي الموسوم”مملكة القيم وتطبيقات الذكاء الاصطناعي” بثلاث جلسات في هذا البرنامج الذي يهدف إلى استكشاف تطبيقات القيم وفهم آليات عملها للبروفيسور الدكتور زهير المزيدي..
* بما أنك أستاذ وتربوي تعمل جاهدا على بناء الافكار وغرس القيم المجتمعية ، ونشر الوعي فهل تطرقت في مقاطعك المصورة الى حالة الغش في الامتحانات التي تمثل عبئا على التربية والتعليم فضلا على كونها تغمط حقوق المجتهدين والمثابرين من الطلبة لصالح الكسالى والمغيبين ؟
-نعم بالتأكيد فقد أعددت مقطع ريلز وتم بثه على صفحتي في فيس بوك تناولت فيه مخاطر تعليم الأبناء الحيلة والغش من حيث ندري ولا ندري مع دعوتي الى تصحيح طرق التفكير وأساليب تربية الاطفال، وبفضل الله تعالى فقد حظي الريلز باهتمام كبير وبتفاعل واسع ، ولا يفوتنا بأن كثرة الدلال معاناة في الصغر وشقاء في الكِبر، ولقد حرصت في محاضرة أخرى على تعليم الأولاد فن ( إدارة المشكلات ) وذلك من خلال نشاط عملي يعزز قيمة الأخوة، ليكون عونا لهم في تحمل مسؤولياتهم والتعامل مع ضغوط الحياة بحكمة وثبات…
ولعل من جميل ما شاركت فيه مؤخرا هو مخيم الأمين التربوي الأول الذي أقيم في جامع الأمين صلى الله عليه وسلم بناحية طق طق التابعة لقضاء كويسنجق في مدينة أربيل حيث تخللت الملتقى فقرات تربوية وثقافية تقوي صلة الشباب بربهم ، وصلتهم بدينهم متناولة أهمية الصلاة في حياة المسلم، الأسرة وبر الوالدين، استخدام الأنترنت بشكل إيجابي ،مهارة استثمار الوقت ، اضافة الى فقرات ترفيهية ورياضية وزيارة الأماكن السياحية.
*” كونوا مشاعل نور فالوقت عصيب والحاجة ملحة” واحد من بوستاتك الجميلة التي لا تفتأ تكررها وتؤكد عليها ضمن قاعدة ” العلم وسيلة والرحمة غاية ” فهل هناك مقترحات عملية في هذا المجال بالامكان ترجمتها الى واقع ملموس أملا باقتباسها ونشرها بين المهتمين ؟
-الحقيقة لابد من التحرك العاجل غير الآجل لنشر الفضائل وكبح جماح الرذائل بالحكمة والموعظة الحسنة كما أسلفنا ولابد من تخطي حالة التدين المنكوس الذي كرهه الناس ولفظوه عند الدعوة فبعض من يعيش في العالم الافتراضي (مواقع التواصل) يظهر غيرته على الدين ليعطي انطباعا للمشاهدين والمتابعين كمال ايمانه وتقواه، لينشر أحدهم على سبيل المثال قصة عن تبرج النساء ،وإهمال تربية الاباء لأبنائهم وبالأخص الاناث منهم، وهذا ولا شك جهد مشكور، وعمل مبرور، مع تحفظي على بعض ألفاظه ، ولكن أن تجد ذات الشخص وبعد فترة وهو بمعية جمع من النساء المتزينات يتبادل معهم النكات والضحكات فهنا تدرك حجم الانفصام بين المبادئ المنطلقة من الشريعة والثوابت والقيم، وبين المصالح المنطلقة من الأهواء والأمزجة والرغبات، وعندما وقع بصري على هذا المنظر قلت في نفسي صدق رسول الله ﷺ القائل ( إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها) وهذا الصنف وأمثاله قد توعدهم الباري عز وجل في كتابه الحكيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)….
كما ألفت عناية المهتمين الى عدم تضيع الأفكار نتيجة رداءة الاسلوب وهذا الموضوع ولا شك يحتاج إلى دربة ومران للحفاظ على التميز في طرح الفكرة وتسويقها بحرفية ، ومعلوم أن الشخصية العراقية بطبعها تميل الى الجدال وليس من السهل إقناعها وتأسيسا على ذلك فإن معاناتنا كبيرة في هذا الشأن وكثير من المؤسسات بشتى صنوفها ومجالاتها، لا يحسن بعض إدارييها الحديث بطريقة محببة تشد المتابعين والمستمعين .
*من جميل مقاطعك الدعوية الهادفة مقطع يتحدث عن استثمار ذكرى المولد النبوي العطرة في وحدة الأمة وتآلفها وتحقيق مقومات التقدم النهضوي،والازاحة الفكرية المطلوبة في هذه المرحلة العصيبة ، حدثنا عن ذلك قليلا .
*لا شك أن ذكرى ميلاد المصطفى ﷺ هو مشروع لوحدة الأمة واجتماع كلمتها وإنتاج فكر جديد لنهضة أمتنا المكلومة الموجوعة المفزعة المحاربة في هويتها ووجودها، ونبرأ إلى الله ممن خالف شريعة رسول الله وارتكاب المحرمات فهذا لا يمت للحبيب بصلة ولا يقبله عقل ولا ذو مروءة ولكن المصلحة المرجوة أن يكون الميلاد له رؤية أخرى في عالمنا الإسلامي، ولئن كان العالم بالأمس في حاجةٍ إلى ولادة رسول الله ﷺ ؛ فإنّ عالم اليوم أشدّ حاجةً إليها، ولكنّ الولادة اليوم لن تكون من رحم آمنة بنت وهب، بل يجب أن تكون في قلوب وعقول المسلمين وبأيديهم وجهودهم؛ فإن لم يولد رسول الله ﷺ من جديد في عالم اليوم فنحن سنكون المسؤولين عن تأخر هذه الولادة أو إفشالها…
والاحتفال كما تعلمون في اللغة يأتي بمعنى الاجتماع والاهتمام والقيام بالشيء ويتعدى بالباء واللام، وهو فعل مباح في الاصل ويأخذ حكم المحتفل به أو لأجله…
والباء في (بالمولد) باء سببية أي سبب الاجتماع والاحتفال هو(المولد النبوي الشريف) ومن هنا نفهم أن الاحتفال فعل فطري جبلي ونحن نعلم بأن الشرعيات لا تتعلق بالجبليات من حيث الإيجاد والاعدام لذاتها ولكن تتعلق بها من حيث الدوافع والتوجيه والتهذيب ،والاحتفال فعل له دوافع وتعلقات منها الفطري المشاعري العاطفي ومنها التعبدي التوقيفي.
* قدمت محاضرة عن”الفرق بين النقد والانتقاد وضرورة طلب النقد للتقويم والتقييم” كذلك التطرق على أهمية التوازن في شخصية الفرد المسلم ، ماذا تعني بذلك ؟
– الحقيقة أن قيمة التوازن في الشخصية المسلمة يتمثل بـ (العقيدة – العبادة – المعاملة) وكل حركة دينية أو دنيوية لن تخرج عن إطار هذه الأركان الثلاثة، فأي خلل أو هفوة أو غفلة عن أحد هذه الأركان الثلاثة تتسبب بجريمة وإثم ومعصية للخالق ، وإيذاءً للمخلوق،كما أن النقد البناء المثمر مطلوب جدا للتقويم والتقييم ، وذلك بخلاف الانتقاد غير البناء الذي يراد من ورائه التسقيط ،وتقليل الشأن أكثر من تقويم الإعوجاج،وتشخيص الأخطاء،فبالتقويم والنقد البناء يُفصَل المُجمَل ، ويُوضَح المُشكل،وتُستجلى الحقائق،وتتبين الوقائع،وبه توضع النقاط على الحروف وذلك بخلاف الانتقاد غير البناء الذي يوغر الصدور،ويفرق الجموع،ويُكثر من المراء والجدل،ومن الشحناء والبغضاء،ومن القيل والقال،ولاسيما في أزمنة الشح المطاع والهوى المتبع والدنيا المؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه كتلك التي نعيشها حاليا .
* كلمة أخيرة تودون توجيهها للشباب من جهة، والى الدعاة والتربويين من جهة أخرى .
-لقد جرت العادة أن يستعمل الناس النار لتبديد ظلمة الليل، واستعمل القرآن الكريم النور لتبديد ظلمة الجهل والزيغ والضلال (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ)…فاللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك
ويهدى فيه أهل معصيتك، اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وارزقنا الهداية والصلاح…