أين أنتِ يا فلسطين! مريانا امين

منبر العراق الحر :

أينَ أنتِ؟
أين أنتِ يا حبيبتنا؟
أين أنتِ يا صاحبةَ العيون النرجسيّة؟!
أين أنتِ أيتُها القريبةُ البعيدة؟!
أين أنتِ يا جرحَنا الباقي والنازف إلى الأبد.
أين أنتِ يا فلسطين!
فكم كنا نتمنّى، أن نُرسّمَ الحدود معك، وكم كنا نتمنى ألا نُرسّم الحدود معك، لأنّنا وبكلّ فخرٍ، قلبٌ واحدٌ، ووطنٌ واحدٌ، وأرضٌ واحدة.
فللنظر إلى الزيتونهِ في جنوب لبنان وعلى بُعد أمتارٍ من الحدود، جذعُها في فلسطين وحبّاتُها تسقُطُ على أرض الجنوب.
وللنظر النحلَ على بعد أمتارٍ أيضًا يمتّص الرحيقَ حتى الثُمالة في فلسطين ليُغدقَ علينا العسلَ في الجنوب.
وللنظر أيضا من عديسة والناقورة والخيام ومن وكل القرى الحدودية وللنصت لقلوبنا كيف تنبض شوقا لفلسطين.
فنحن! من طعم العسل نسكَر ومن دمعة الزيتون للزيتون نحيا، ومن عناق الزيتون للزيتون نعيش.
عدونا واحد وعذاباتنا واحدة
ودماءُ شهدائنا ممزوجة في نفس التراب.
نعم!
أين أنت يا فلسطين! وأين انت يا غزة!؟
اليوم سنسأل.
ولن نسأل الأحياء هذه المرة
بل الشهدا! هل أنتم راضون!؟
رحلتم وأنتم أحياء بيننا بالطبع لكن رحلتم وتركتم لنا الطبيعة، هدية الرحمان للإنسان، الذي قال لنا: كلو من طيباتها، وما طاب لكم، وسخر لنا البحار والأنهار والجبال، وأهدانا العقل، والذوق الرفيع، لنفتح قلوبنا للأصدقاء وللأوفياء فلا حدود مع عدو ولن نتقاسم معه لا الليمون ولا الزيتون، ولا حتى حبة تمرٍ أو تفاحة.
آه.. أيتها التفاحة لو يعرفُ آدم ماذا حصل لأبنائه في الأرض، تقاتلنا عليها وقسمناها وجعلنا الشيطان يعيش بيننا ليسرقَ خيراتِنا فوق الأرض وتحتها.
وها نحن اليوم نعيش على ذكريات مضت؛ ونحن في زنزانة الدنيا لكننا نعبر المواسم باتزان؛ فكل يوم نرجع بالذاكرة إلى مجزرة تل الزعتر أو صبرا وشاتيلا أوحولا وقانا تعجلنا نعود لكلّ التلال والجبال والوديان التي حاولت قتل القضية، ككلّ المؤتمرات الدولية التي لم تكن أقل قتلا لها.
فالوجه الحقيقي هو حجر تحت سجادة صلاة في المسجد الأقصى وحجر آخر مُتّحد بقبضات أطفال الحجارة.
هم وحدهم من يؤكدون للبشرية جمعاء أن هناك قضية حية اسمها فلسطين. وبالتأكيد لا يوجد في عقل الشباب وخاصة الشباب الفلسطيني ما يسمى تنازلات لأنهم تركوها على مسرح السياسة، ولن يعيشوا خيبة أمل بعد اليوم، فأحلامهم ستتحقق طالما توجد إرادة شعب لا يعطي للمسارح قيمة ولا اهتماما. فلن ننسى كلّ مجزرة أدمت القلوب فبدم الشهداء نمشي قدما على الخط الذي رسموه لنا نحو ترسيخ الهوية وتحرير الأرض.
أما نحن! أبناء الأرض التي حررتها إرادة الإنسان عندما قرر أنه أهلٌ للحياة، واجتمعَت فيه نخوةُ الفطرة الكريمة في جبل عامل، وقوةُ العقل الذي يقود المواقف والالتزامات.
وإليك يا فلسطين نرفع علَم النضال والتحدي المستمرّ، فأنتِ ابنة الصبر والجهاد ثمانين عاماً.
فباللغة النابضة شوقاً وألماً نكتب كل يوم، لنصنع لوحات من الأسوَد والأبيض، وإذا كان كل كاتب يخفي هدفاً من نصّه، فإننا نعلن هدفنا وهو أنّ الزمن لا يتوقف، والبطولة رغم المآسي يصنعها فرح الحياة.
#مريانا_امين
#الهدف #ثقافة_وفن

اترك رد