الوعي والتنمية… عراق اليوم بين الشائعات والإنجازات …كتب رياض الفرطوسي

منبر العراق الحر :
في زمنٍ باتت فيه الحقيقة ضبابية، والتضليل الإعلاميّ أداة حربٍ لا تقلّ خطورة عن الأسلحة التقليدية، يواجه المجتمع العراقي إعصاراً هائجاً من الشائعات، يضرب أسواره بقوة، محاولًا تقويض استقراره، وبثّ بذور الشكّ في عقول أبنائه. هذه ليست شائعاتٌ عابرة، بل فيروسات فكرية خبيثة، تتحوّل، وتتكيّف، وتتخفّى في ثنايا الأخبار والتصريحات، لتتسلل إلى الرأي العام، وتعيد تشكيل وعيه بما يخدم مصالح قوى الظلام التي لا تريد لهذا الوطن أن ينهض.
السوشيال ميديا.. ساحة معركة الوعي
في هذا العصر الرقميّ، حيث تنتقل المعلومة بسرعة الضوء، لم تعد المعارك تُخاض فقط في الميادين، بل انتقلت إلى ساحات فيسبوك، إكس، إنستغرام، وتيك توك، حيث باتت الشائعة تُصاغ بدهاء، وتُروّج بأساليب احترافية، لتبدو كأنها حقائق لا تقبل التشكيك. فبضغطة زر، يمكن لمعلومة كاذبة أن تُصبح “تريند”، يلهج بها الناس، وينساقون خلفها دون تمحيص، وكأنها وحيٌ منزّل.
هذه الفوضى الإعلامية ليست وليدة الصدفة، بل هي حرب ناعمة، تُستخدم فيها الأكاذيب كسلاح، والجهل كحليف، والوعي كهدفٍ يجب تدميره. وكلما اقترب استحقاقٌ انتخابيّ، أو أُعلن عن مشروع اقتصاديّ، تشتدُّ الهجمات، ويُفتح الباب أمام شائعاتٍ تهدف إلى خلق حالة من الذعر والتشكيك، وإضعاف ثقة المواطن بحكومته، وتثبيط أيّ خطوة نحو التقدّم.
ومن أخطر هذه الشائعات، تلك التي تستهدف الاقتصاد الوطني، حيث تُطلق ادعاءات كاذبة عن انهيار البنوك، أو تراجع سعر الدينار، أو إفلاس البلاد، في محاولة خبيثة لضرب الاستقرار المالي، وخلق حالة من القلق بين المستثمرين والمواطنين على حدّ سواء.
كيف نواجه زحف الأكاذيب؟
معركة الشائعات ليست معركة طرفٍ واحد، بل هي مسؤولية جماعية، تتوزع على محورين رئيسيين: المواطن الواعي، والأجهزة التنفيذية للدولة.
المواطن.. خط الدفاع الأول
إن أول حصن في مواجهة الشائعات هو الوعي الشعبي، فالشائعة لا تنمو إلا إذا وجدت من يروّجها. ولو توقّف الجميع للحظة قبل مشاركة أي خبر، وسألوا أنفسهم: هل هذا المصدر موثوق؟ هل هناك أدلّة تدعمه؟ لما استطاعت الأكاذيب أن تتغلغل في العقول، ولما تحوّلت إلى قناعات راسخة يصعب زعزعتها.
إن الوعي الإعلاميّ لا يعني فقط رفض تصديق الشائعات، بل يتعدى ذلك إلى دورٍ أكثر فاعلية: التشكيك فيها، ودحضها، والتثقيف المستمر ضدّ مخاطرها. فليس كل ما يُنشر على مواقع التواصل حقيقة، وليس كل ما يُروّج عبر الحسابات الوهمية بريئاً من الأجندات الخفية.
الحكومة.. السيف القاطع للأكاذيب
لكن الوعي وحده لا يكفي، إذ لا بد أن يكون هناك ردٌّ رسميٌ واضح، ودحضٌ سريع للشائعات، حتى لا تُترك مساحة فراغ تستغلها الأكاذيب لتترسخ في العقول. وهنا يأتي دور الحكومة بمؤسساتها الإعلامية والتنفيذية، التي يجب أن تتعامل مع الشائعات بسرعة واحترافية، عبر نشر المعلومات الصحيحة فوراً، وتقديم بيانات واضحة، واستخدام جميع الوسائل الإعلامية لنشر الحقيقة قبل أن تترسخ الأكذوبة.
وقد أدركت حكومة محمد شياع السوداني هذه الحقيقة، وسعت منذ توليها المسؤولية إلى تعزيز الشفافية، وكشف الحقائق للمواطنين، والتصدي لمروّجي الأكاذيب، سواء عبر مؤتمرات رسمية، أو من خلال الجهات المختصة التي تراقب السوشيال ميديا وتفنّد المزاعم المضللة.
إنجازات حكومة السوداني.. خطوات ثابتة رغم العواصف
رغم زحف الشائعات ومحاولات التشكيك، لا يمكن إنكار أن العراق يشهد مرحلة جديدة من البناء والإصلاح، تقودها حكومة السوداني بخطى واثقة، واضعةً نصب أعينها هدفاً أساسياً: تحقيق الاستقرار السياسي، ودفع عجلة الاقتصاد، وتحسين الخدمات.
1. الإصلاح الاقتصادي
أحد أهم الإنجازات التي سعت الحكومة إلى تحقيقها هو إصلاح النظام الاقتصادي العراقي، الذي عانى طويلًا من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل. ولتحقيق ذلك، اتخذت الحكومة عدة إجراءات، مثل:
تعزيز القطاع المصرفي، وضبط عمليات التحويل المالي، لمنع تهريب العملة، وتقليل الاعتماد على الاقتصاد النقدي التقليدي.
تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، عبر إطلاق مشاريع كبرى في قطاعات مختلفة، منها الطاقة والبنية التحتية.
تنويع الاقتصاد، عبر دعم قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة، لتقليل الاعتماد الكلّي على النفط.
2. تطوير البنية التحتية
شهد العراق في الفترة الماضية طفرة في مشاريع البنية التحتية، من بينها:
تحسين شبكة الطرق والجسور، لتسهيل حركة النقل والتجارة بين المحافظات.
إطلاق مشاريع إسكان جديدة، بهدف حل أزمة السكن، وتوفير مساكن ملائمة للمواطنين.
توسيع قطاع الكهرباء والطاقة، لمواجهة مشكلة الانقطاعات المستمرة، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.
3. تعزيز الأمن والاستقرار
الأمن ليس فقط شرطاً لحياة مستقرة، بل هو الركيزة الأساسية لأي نهوض اقتصادي وتنموي. ومن هنا، عملت الحكومة على:
تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية، وتكثيف جهود مكافحة الجريمة المنظمة.
محاربة الفساد الإداري، عبر إطلاق حملات لضبط الفاسدين، وتحقيق العدالة.
تعزيز الحريات العامة، في إطار احترام القانون، وضمان بيئة آمنة للمواطنين.
ماذا لو تضامن الجميع؟
رغم هذه الإنجازات، يبقى السؤال الكبير: كيف يمكن للحكومة أن تحقق المزيد؟
الحقيقة أن أي حكومة، مهما كانت رؤيتها طموحة، لا يمكنها النجاح بمفردها. فالعراق اليوم بحاجة إلى تضامن سياسي واجتماعي حقيقي، حيث تدرك القوى السياسية أن مصلحة العراق يجب أن تكون فوق المصالح الحزبية الضيقة، وأن يتحقق إجماع وطني على ضرورة دعم خطوات الإصلاح، لا عرقلتها من أجل مكاسب وقتية.
أما على المستوى الاجتماعي، فإن المواطن العراقي يجب أن يكون شريكاً في عملية التنمية، لا مجرد متلقٍّ للقرارات. فبناء الوطن مسؤولية مشتركة، تتطلب دعم المشاريع الوطنية، ونشر الوعي بأهميتها، وعدم السماح لمروّجي الشائعات بوأد أيّ خطوة نحو التقدّم.
العراق.. وطن يستحق الأفضل
اليوم، يقف العراق عند مفترق طرق، بين أن يستمر في مسيرة البناء والإصلاح، أو أن يُترك ساحة للفوضى والتشكيك. وما تحقق حتى الآن يدعو للتفاؤل، لكنه ليس نهاية الطريق، بل بدايته. فالطموح أكبر، والآمال أعظم، والطريق إلى عراقٍ مزدهرٍ لا يزال مليئاً بالتحديات، لكنه أيضاً مليءٌ بالفرص.
فلنتكاتف جميعاً، ونجعل الحقيقة سلاحنا، والوحدة قوتنا، ولنكن جميعاً جزءاً من قصة النهوض التي يستحقها عراقنا العزيز.

اترك رد