منبر العراق الحر :
من الواضح أن المناصب العليا والحساسة في مؤسسات الدولة العراقية، كالجيش والشرطة وأجهزة الأمن والحزب والإعلام وغيرها ، كانت حكرًا على الأقلية السنية، فيما حُرمت الأغلبية العراقية من الوصول إلى هذه المناصب، باستثناء حالات نادرة لا تكاد تُذكر… ؛ وفي تلك الحالات، كان يتم اختيار شخصيات هجينة، تحمل في طياتها حقدًا ومرضًا نفسيًا، وتُحسب على الأغلبية ظلمًا وزورًا، بل كانت أحيانًا أكثر حقدًا وإجرامًا من أوباش العوجة … ؛ وكانت تُمنح لهم مناصب شكلية، كوزير بلا وزارة، كغطاء لإيهام الرأي العام وإخفاء الحقائق وذر الرماد في العيون .
منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1920 وحتى سقوط النظام عام 2003، سيطرت هذه الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة على مقاليد الحكم، وانتشرت بين أفرادها الخيانة والعمالة، حتى إنهم تآمروا على بعضهم البعض، وقاموا بانقلابات عسكرية وثورات مزيفة، مدعومة بمؤامرات خارجية… ؛ واستمرت الخيانة سمة بارزة في سلوكهم، حتى وصلت إلى ذروتها بتواطئهم مع القوات الأمريكية لغزو العراق… ؛ فسقطت بغداد في أيام قليلة، دون أن يحرك الجيش أو الأجهزة الأمنية ساكنًا لصد الغزاة… ؛ و بينما صمدت البصرة في وجه القوات الأمريكية، فتحت المحافظات السنية أبوابها لهم دون مقاومة تذكر، ولم تُطلق رصاصة واحدة تجاه المحتلين… ؛ واختفى الجيش والحزب والأجهزة الأمنية والفدائيون والبعثيون، وكأنهم تبخروا في الهواء.
ولم يكتفوا بذلك، بل سرقوا الأموال التي أودعها صدام لديهم، والتي كانت في الأصل أموالًا منهوبة من الشعب العراقي… ؛ وحين طالبتهم المجرمة رغد صدام بإرجاع الأموال ؛ عرضت عليهم عرضًا مغريًا بتقاسمها مناصفة … ؛ كما وشوا بأماكن اختباء المسؤولين الهاربين، بما فيهم صدام نفسه، الذي تم تسليمه للأمريكيين من قبل قيس النامق ومحمد إبراهيم المسلط، بعد أن سرقوا الأموال التي كانت معه وحصلوا على مكافأة من المحتلين… ؛ وقبل ذلك، سلم نواف الزيدان، وهو من أهالي الموصل، عدي وقصي للأمريكيين… ؛ وكذلك فعل المدعو شعلان المنيف الشمري الذي سلم المجرم وطبان للامريكان ، وهو أيضًا من الموصل… ؛ بينما تم القبض على علي الكيماوي في سامراء.
وباختصار، تم القبض على معظم القيادات الصدامية والبعثية في المناطق السنية، بعد وشاية من أبناء طائفتهم… ؛ وحتى بعد اعتقالهم، لم يتوقفوا عن الخيانة، فتشاجروا وتبادلوا الاتهامات والسباب، بل وبصق أحدهم في وجه الآخر.
وبعد كل هذه الخيانات والمخازي والسلوك المشين، يظهر الطائفي اليوم وكأنه بريء من كل هذه المثالب ، فيبرئ نفسه وقومه، ويتباكى على صدام ونظامه، وكأن الذين وشوا بهم كانوا من الجن أو الشياطين… ؛ وهذا يذكرنا بالمثل المصري الشهير: “يقتل القتيل ثم يمشي في جنازته!”