منبر العراق الحر :
العِرَاقُ إذا تَنَفَّسَ صَارَ شِعرًا
يُمَشِّطُ ضَوءَ نَهرِهِ والسنْبَلَاتْ
في كَرْبَلاءَ الحُسَينُ ثَارَ عَلَى الظُّلمِ
وَحَفَرَ فِي الرِّمالِ وَجْهَ الحَقِّ لِلْفَجْرَاتْ
والنّجفُ العَليُّ إذا مَرَرْتَ بِبَابِهِ،
سَجدَ الزَّمانُ وأَخفَتْتْ كُلُّ الصَّدَاتْ
جلْجامِشٌ نَزَلَ الفُراتَ مُفَكِّرًا
يَنْقُشُ الخُلودَ بِمَاءِهِ وَالخُطُوَاتْ
بِغدادُ؟ لا بغدادُ لَيْسَتْ مَدْيَنتًا،
هِيَ أُمُّ كونٍ تَرتَدي نَبضَ الحَيَاةْ
يا دَجْلَةً، يا أُنثى القصائدِ والرؤى
كَم مِنكِ تَشْرَبُ ذاكراتُ الأنْبِيَاءْ؟
والبَصْرَة الموجُ استعارَ لسانَها
فَغَنّى مِلْحُها للشمسِ ألفَ انعتاقْ
حَتّى الحُروبُ إذا زَحَفَتْ فِي سُطُوتِها
تَخْضَعُ فِي قَلْبِ بَغْدَادَ جَاثِمَاتْ
في كُلِّ رُكْنٍ فِيكَ آثارٌ تَحْكِي
قُدَمَ الزَّمانِ وَجَلالَ الأُسُودْ
يا سِحرَ مَأذَنَةٍ تَبْكِي فَوقَها
راهبةٌ بالزيتِ تَمْسَحُ رَأسَ العِرَاقْ
العِرَاقُ مَسَجِدٌ وَكَنِيسَةٌ وَمَدْهَلٌ
فِيهِ يَصْلِي الكُلُّ عَلَى مَحَارِيبِ السَّلاَمْ
سَجَّلَتْهُ صَحَائِفُ الزَّمَانِ قُدَمَ الأَفْقِ
وَفِي أَحْجَارِهِ قَصَائِدُ الشُّهُود
هذا العِرَاقُ وَجُنْحُهُ مِنْ طَينِهِ
يَخْطُو إلى شَمسِ السّماءِ ولا يَمُوتْ
سامر عبدالستار