منبر العراق الحر :
من المفزِع أن يهدر الإنسان سنواته في مجتمعٍ لا يتناسب مع رؤيته تجاه العديد مِن الأمور.. في مجتمعٍ كل ما فيه زيف وتشابه وتكرار، مجتمع مِن صنع أفراد يهدِرون أعمارهم في محاولة إرضاء بعضهم البعض، مجتمع يلزمك نفسيا وفكريا بأن تلعب دورا تم إعداده لك مسبقا
مجرد دور و عليك أن تلعبه على مسرح الحياة ويجب أن لا تخرج عن النص. دون أن تمنح حق الارتجال، أو حتى حرية التساؤل.
لعنة المجتمعات القطيعيّة. ان لاشيء يثير الاهتمام. لاشيء يثير الفضول. كأننا في دائرة زمنية لا تكف عن التكرار الممل، حيث لا جديد، لا دهشة، لا فضول. مجتمع لا يصنع المعنى بل يفرض القوالب، لا يبارك الاختلاف بل يلعنه، حتى باتت لعنة “القطيعية” تطغى على المشهد: إما أن تذوب فيه وتفقد ذاتك، أو تنعزل لتحمي ما تبقى من إنسانيتك..
للاسف إما أن يسلب الفرد من ذاته لـ يذوب في هذا الحشد الباهت
أو يلجأ إلى عزل نفسه حماية لها من التلاشي.. وكلاهما مر 😢
نحن ولدنا في مجتمعات لاتعترف بالإنسان وفردانيته ولاتكون مقبولا إلا ضمن إطار الجماعة وخروجك عن موروثها جريمة لا تغتفر …في مجتمعاتنا المرأة متهمة لو فكرت قليلا بطريقة تختلف عن المألوف . والرجل منبوذ إذا كسر عادات المجتمع الخاطئة .. مجتمعات منشغل فيها الفرد بتقييم غيره بدلا أن ينشغل بتحسين نفسه
نحن نطمس فردية الإنسان ونبقيه إمعه ولا يكون مقبولا في المجتمع إلا بقدر إمعيته
الأخطر من ذلك، أنّ ثقافة التقييم الجماعي باتت شاغل الناس الأول: لا أحد ينظر إلى داخله، الجميع مشغول بحياة غيره. نحن لا ننشغل بتحسين ذواتنا بقدر ما ننشغل بتشريح الآخرين، إدانة، ورفضا، وتصنيفا
و لدنا في مجتمعات لا ترى الفرد ككيان قائم بذاته، بل كجزء من جماعة، يقاس قدره بمدى امتثاله، ويقاس صلاحه بمدى انصياعه
نحن شعوب يعبث بإيماننا الترحم ع غير المسلمين ويفتننا امرأة بلاحجاب ومصابون بنرجسية وهم الأفضلية ومنعدمة لدينا ثقافة الاختلاف ونحتكر الله لنا وليس للعالمين وإنسانيتنا مشروطة بكون الضحية من طائفتنا
نحن نعيش التراجع الإنساني والفكري بامتياز. لأننا نرفض الاعتراف بأن الطريق يبدأ من الفرد… من الإنسان، حرا عاقلا، مستقلا
فمتى نكف عن عبادة الجماعة، ونمنح الفرد حقه في أن يكون؟
