إلى رجلٍ لن يقرأ…. زينب حسن يوسف

منبر العراق الحر :
(1)
ثمّة طوقٌ من النور يسوّرني
شهابٌ في سماء ساحرة
تغفو في مخدع الليل،
وَتحرس نجومه وَعيون العاشقين البرّاقة
ذاك الشهاب يريدني حيّة
تتقطّر من جبيني لآلئ فضيّة
يريدني صبيّة عشرينيّة، ليفي بوعده للسّماء
يريدني كاتبة من رتبة السّكارى
تجرّني نحو الجنان الخالدة
نشوة أيقظتها كؤوس حبّ عتيق
يريدني أن أرقص كهنديّة حمراء
على وقع أمواج المحيط
أن أجدل شعري الغجريّ
كشلالٍ من الضفائر الحالكة
في قبضة يديه اللاهبتين
يريدني أنثى من طراز قرويّ، موغل في القدم
تلك التي تمسك منجلها بيد
وَتكتب الكلمات بيد أخرى
كطفلة صغيرة بدأت بعزف أبجديّتها
بعون الأمّ الطّبيعة
يريدني أنثاه الرائعة
تلك التي أحبّها بعينيه وَابتسامته
وَأسرّ لها بمكنونات روحه
في لحظات موسومة بالرؤى التي لا تُرى
سوى بالبصيرة النهمة لكلّ وحيّ إلهيّ مجنون
وَأنا، في نقطة بعيدة من الفضاء
الذي تموت في ظلمته، أنوار الحياة كلّها
وَتقتسم في زاوية قصيّة،
نبراساً أشعلَه بوميضه الشّفاف
كنت أنتظره
وَقد راح ككلّ العاشقين الصّامتين
يزورني من بعيد، هكذا أحبّني وَأحببته.
(2)
إنّه في قلبي، ما دامت القهوة المغليّة فوق نار هادئة
تراقب نظراته وَترسم بهيلها الشهيّ، شيئاً من ذكرياتنا
ما دامت تلك الكلمة تخرج من فمه وَتتخذ من أنامله
معبداً لها، ليصلّي من خلالها لأجلي
فأسمع من ترانيم حروفها كيف يكون الحبّ المنسيّ
في قلب رجل شرقيّ هادئ
ما دامت تلك الابتسامة تظلل وجهه كلّما رآني،
تنير بضيائها البريء، كطفل خرج لتوه إلى حياة جديدة
عالمي الشاسع كمحيط عميق
ما دامت عيناه تمسحان بوهجهما
آثار الحياة الشائبة وَالقاسية
إنّه في ذاكرتي، كما الشّمس في ذاكرة الكون
إذ لا يمكن لأيّة قوة أن تمحو وجودها
وَأنا عبّدت من أجلك أرضاً مخضبّة بالحكايات والرؤى
الّتي لم أخبرك عنها بعد
فأنت لم تقرأ كلماتي بعينيك بعد
لكنّك، وَذات لحظة تلفّها أنوار غيبيّة،
قرأتني بقلبك، وَروحك، وَكيانك الذي عرفته مذ جئت إلى هذا العالم
وَقد مهرني الله بختمه النورانيّ البهيّ
وَأوصاني بك، هامساً في أذني،
أني سأعرفك وَتعرفني، من النظرة الأولى
وَقد عرفتك وَعرفتني
وَلكنّنا أبينا أن نثقل الكون بحكاية صاخبة
فما كان منّي إلا أن كتبتك
مرة، مرتين وَثلاثة وَربما أكثر
وَفي كلّ مرّة كنت تشي بي إلى الله
وَتطمع بالمزيد وَكنت كذلك أتوق إلى
صوتك المتوسل، بأن نلتقي ولو من بعيد
أمّا هو، فقد كان يرى وَيعرف جيداً
أنّ الاقتراب من الشمس مآله الاحتراق بنورها
لذا، فقد كان يرتب لقاءنا الأبديّ،
وفق ميقاته الذي لا يعرف النسيان
مطمئناً إيّانا، أنّ أرواحنا وإن بعُدَت
فإنّها ستلتقي في ملكوته ذات قيامة
وَستعود إلى عالم الإنس، لتعيد الحكاية
التي لا يملّ قلمي من كتابتها، في حيواته المتعدّدة..
اكتب
.
زينب حسن يوسف
سوريا

اترك رد