رسائل ماجستير ودكتوراه للبيع في لبنان… باب رزق أم غشّ وتزوير؟

منبر العراق الحر :

منذ بدء الأزمة اللبنانية، ومع إرتفاع نسبة البطالة، وتفاقم الوضع الاقتصادي بسبب تفشي فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت عام 2020، هاجر عدد لا يستهان به من الشباب اللبناني بحثاً عن عمل في الخارج، أو لاستكمال دراساتهم الجامعية، خاصة في الدول الأوروبية والخليجية.
أما أولئك الذين بقوا في البلاد، فبدأوا يبحثون عن طريقة يجنون منها المال، أو لكسب مدخول إضافي. ولجأ  معظمهم إلى العمل عن بعد، لتأمين راتب بالدولار، وخصوصاً مع  فتح مواقع التواصل الإجتماعي باباً واسعاً لسوق العمل، فازدهرت منصات للاعمال والخدمات.
من بين هذه المنصات، برزت عناوين على تطبيق “انستغرام” تحديدا تستهدف طلاب الجامعات بالأخص، تعرض خدمات معينة مقابل مبلغ مالي. من بين هذه الخدمات، المساعدة في كتابة سيرة ذاتية (CV)، وتقديم دروس خصوصية، وترجمة، والمساعدة في تقديم طلب وظيفة.
واللافت ف هذه المنصات، أنها تعرض أيضا خدماتها في كتابة الفروض الجامعية وحتى أطروحة الماجستير والدكتوراه. وتؤكد هذه المنصات على صفحاتها أنها تخدم جميع المجالات، من كلية إدارة الاعمال إلى الحقوق والكيمياء والفيزياء والهندسة الخ…، في اللغة العربية والانكليزية والفرنسية.
 حتى أنها تعرض على صفحاتها التعليقات  الايجابية للطلاب وردود أفعالهم، وهم يؤكدون أنهم نجحوا أو نالوا علامة جيدة بسبب عمل الصفحة.
وفيما يخص أطروحة الماجستير، فيتراوح سعرها تقريبا بين الـ600 والـ700 دولار، ويختلف السعر بين عدد الصفحات والموضوع وموعد التسليم، أما أطروحة الدكتوراه، فيمكن أن تصل تكلفتها الى الألف دولار وأكثر (هنا نتكلم عن الصياغة الكاملة من الصفر).
وفي هذا السياق، أوضحت مايا (اسم مستعار)، تلميذة ماجستير في اختصاص وسائل الإعلام الرقمية أنها لجأت إلى هذه “الصفحات” لأن وقتها لا يسمح لها أن تعد أطروحة ماجستير، وقالت: “فضلت أن أدفع مقابل الأطروحة، خاصة أنني اخترت موضوعها، والمبدأ التوجيهي موجود مسبقا”.
وفي هذا الصدد، يقول أستاذ الصحافة في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية الدكتور راغب جابر إنّ “ظاهرة الكتابة عن الآخرين قديمة وليست جديدة”، معتبراً أنها “تدخل في باب الغش، لأن هناك أشخاصاً يحصلون على شهادات ماجستير ودكتوراه دون جهد أو تعب”، مشيرا بالخصوص إلى الأشخاص الأغنياء أو ذوي المناصب… هؤلاء يستأجرون أشخاصاً يكتبون عنهم أطروحاتهم”.
ويضيف جابر: “طبعا هذا الأمر ممنوع في القانون… أن يستعين طالب بآخر لكتابة رسالته، ولكن كما كل شيء، هناك تحايل على القانون وغش”.
وعندما تصل المسألة إلى إنشاء مواقع أو خروج أشخاص للتسويق لأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم يكتبون رسائل وأطروحات، فإنّ ذلك، بحسب جابر، “منتهى الوقاحة في الغش، وطبعا نحن في بلد سائب، لو أن هناك قانون ودولة قوية كان أقلّه يُسجن هؤلاء الاشخاص”.
كذلك، لفت الدكتور جابر إلى أنّ “الأستاذ الحقيقي يعرف إذا أنجز طالبه العمل بمفرده أو لجأ إلى من يكتب له”، وإن يكن أقر بأنّ “هناك حالات قد تقطع ولا يكتشفها الاستاذ”.
وأضاف: “الاستاذ الفطن الذي يتابع تلاميذه يستطيع أن يكشف إذا كان هناك غش أو سرقة..  ولكن هذه الامور لا يمكن ان تُضبط مئة في المئة”.
ورأى أنّ المطلوب، مع تطور وسائل التواصل وظهور هذه المنتديات التي تروج لهذا الموضوع، أن تقترح وزارة التربية مشاريع قوانين لضبط هذه الامور: “هناك آليات يجب أن توضع لمتابعة هذا الموضوع، والأهم عدم الترويج لهذا الأمر وكأنه تحصيل حاصل أو وكأنه فرص عمل للناس”. وفي رأيه “هذا غش وقد يؤدي الى انهيار التعليم في لبنان.. ويكفي هذا البلد ما يعانيه من انهيارات على المستويات كافة”.
غوى خيرالله—النهار العربي

اترك رد