منبر العراق الحر :
تجاوزت حصيلة الشهداء جراء العدوان الأمريكي الإسرائيلي الكافر على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الـ 40 ألفا، عدا عن عدد المفقودين، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في القطاع المحاصر.
حرب وحشية ودمار كبير وإبادة جماعية يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي بحق المدنيين العزل في قطاع غزة؛ استمرارًا لسلسلة العدوان الإجرامي على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وسط صمت عالمي مخزٍ لحكومات أبت إلا أن تقعد من القاعدين تنظر كيف يقتل الأطفال بقنابل ضخمة، وصواريخ موجهة، وقصف وحشي أدى إلى استشهاد أكثر من 40 ألف فلسطيني أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، إلى جانب 70 ألف مصاب، وعشرات الآلاف تحت الأنقاض.
نحن نحزن لفقد إخواننا وما يحدث للإطفال ولكن الله إختارهم ليكونوا شهداء عنده (ويتخذ منكم شهداء) فنحن ندعو الله نصر الإسلام والمسلمين والإستمرار بالدعاء، نتمنى إتحاد المسلمين كما كنا في زمن العزة والكرامة والرفعة، ولكن الله له حكمة من هذا الأمر فنسأله النصر والتمكين.
أهل غزة يعلمون أن الله قد خلقهم في حياة ليست مصممة للأكل والشرب والتكاثر في جوهرها، بل هي مصممة ليميز الخبيث من الطيب، المؤمن من الكافر الجاحد، أهل الحق من أهل الباطل.. ولا يحدث ذلك التميز إلا بوجود المحن والإبتلاءات؛ فهنالك من يصبر ويعلم مراد الله وهنالك من يكفر والدليل قول الله: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} – [سُورَةُ العَنكَبُوتِ: 2-3].
إن الحكمة من إبتلاء أهل غزة وصبرهم نجدها في أنهم أصبحوا مصدر إلهام ومصدر إيقاظ لأمة نائمة، فيها من جحد بربه وفيها من تكاسل وفيها من تآمر وفيها من عاش ليومه ولا ينظر إلا لأسفل قدميه، قال الله: {أَفَمَن یَمۡشِی مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦۤ أَهۡدَىٰۤ أَمَّن یَمۡشِی سَوِیًّا عَلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ }. [سُورَةُ المُلۡكِ: 22].
فوعد الله حتما متحقق، فمن كان ليتصور أنه بعد ستة عقود سيبقى من يدافع عن الحق وينصره، ويوقظ الأمة، ويريها كيف تدور الحياة وحقيقة عدوها، لقد رفعوا الراية التي تخاذلنا عنها، وعروا الأقنعة، لكي ندرك من العدو، وندرك الشر المتربص بنا.
للنصر مفاهيم كثيرة أحدها هو النتائج الآنية المتمثلة في دحر القوة العسكرية، والذي تبحث فيه أنت، وسقوط ورقة التوت التي كانت تخفي جرائم الاحتلال الإسرائيلي طوال خمسة وسبعين عامًا وهذا اسمه نصر. وبث الرعب في المجتمع الصهيوني، نتيجة الشعور الدائم بالتهديد هذا نصر ضد الدعاية الحمقاء التي كانت تعول على ذاكرة الشعوب التي من المفترض أنها ستنسى القضية؛ فالعالم الآن يعرف قبائح العقلية الصهيونية، بل ما هو أكثر من ذلك، العالم اليوم يعرف قباحة المنظومة المجرمة التي تحكم العالم.
ومع كل ذلك، هذه حرب طويلة وما يجري الآن هي إحدى المعارك. والمعركة الأخيرة التي ستنتهي معها الحرب تلوح في الأفق، ولكنكم تستعجلون.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي