أنا مِثلُكَ….محمد المجتبى

منبر العراق الحر :

أنا مِثلُكَ يا “لاتينوس”
أحلمُ بالسير على البحر
دون أن تتبلل الحياة بداخلي
أنا مثلُكَ يا عزيزي
أودُ أن أحمل حقائبي
وأن أمضي ناحية المجهول بقلبٍ يصطكُ بالأيمان
أنا مثلُكَ
لي عائلةٌ تئن من خلفي
لي أحلامٌ نيئة تنتظرُ على رصيف العمر
لي أوراقٌ مُتسخة بالحزن
أنا مثلُكَ
رجلٌ بكمٍ هائلٍ من السذاجة واللامبالاة
أقِفُ على عتبات الوقت كل يومٍ
وأنظرُ من نافذة الموت
لاُراقب الموتى وهم يجففون خطاياهم بالإعتذار
يدُسون أحزانهم خلف سراويلهم ويبتسمون
أنا مثلُكَ
أحببتُ هذا البحر الطافح بالجثث
الملئ بحكايات الموتى
بوصايا الأمهات التي إبتلعتها المياه
بطموح الأباء الذي غرق مع أول موجةٍ قررت أن تُفزع المركب
أحببتهُ وعلقتهُ كطوق نجاةٍ على عُنقي
وها أنا الآن أُحدِثُكَ قبل أن أمضي
إلى حياةٍ آخرى رُبما
أو إليكَ وأنا قادمٌ بين أسنان قرشٍ على سبيل المثال
هذا العالم ضحلٌ جدًا
يُحبُ فينا الصراخ
ينتشي أكثر كُلما سرق من وجوهنا لحظة سعادةٍ هاربة
هذا العالمُ الذي يبدو في الصباح كنسمةٍ هاربةٍ من الجنة
وفي الليل يلتوي كقطةٍ مُختنقة ويعتصرُنا بداخلهِ بلا هوادة
أخبرني؛ من أين آتي لكَ بقُبلة وشفاهي تورمت من تقبيل الأحزن؟
من أي النوافذ تود أن تتقيأ كُل هذا الخراب؟
أخبرني فقط، وسأثقُب لأجلكَ ألف جدار
مهوسون نحن بالتاريخ
بالماضي الهش
بالأزقة البالية
الأرصفة المُتصدعة
نُحبُ مقاتلي الساموراي
نُصدقُ الأسطورة ونبكي كلما خدش نصلٌ صدر أحدهم
وابتاع روحهُ من باب العادات والعُرف والتقاليد
نسمعُ كثيرًا عن سوريا
عن البلاد التي تطوفُ من فوقها الغِربان
نقرأُ لـ “سيوران” وهو يُلقي بالحياة في قعر اللاأهمية
نستمعُ ل “أم كلثوم” وهي تُمجدُ الحب وكأنهُ شيءٌ سهل
لا أدري هل ذنبنا أننا صدقنا كل هذا
أم أن بلادي كانت أكثر غرابة
أكثر إثارةً للجدل
وهي تبعثُ بنا ناحية اللاشيء
كامرأة عجوز أخبرها كاهنٌ مُتعجرف
بأن عمرها سيمتدُ أكثر كُلما مات أحد أبنائها
ولهذا هي هنا
تزرعُ فينا حب الموت في كل مرةٍ
وتتركُنا نمضي ببطٍء نحو حتفنا.
_محمد المجتبى
_السودان

اترك رد