بين قنديل وقنديل يا بحر وين مْدّوينا …..د.قيس جرجس

منبر العراق الحر :
بين قنديل إقليم الشمال الذي فرض علم دولته الحزبية العرقية المتخيلة بالقوة كما فرض بيان المؤتمر على الجميع بالتهديد بقطع الأيدي…
وقنديل إقليم الساحل المعلق على حائط أسد وفتى ونمر…
وقنديل إقليم الجنوب الذي يشحذ كازه من كازية الجليل المحتل تحت مسمى ديني…
وقناديل تورا بورا وكهوف بن تيمية المنتهية الصلاحية التاريخية المفلسة حضاريا تبحث مسعورة عن غريمها في لباس امرأة ولباس فريق رياضي وتحطيم تماثيل وتدنيس مقدسات تمارس عدميتها في نفي واقصاء وقتل الآخر المختلف عنها حتى لو كان من دينها…
بين هذه القناديل الموروثة جميعها من عهد الاستبداد البائد يعم الظلام الدامس في هذه البلاد المبتلية حتى بنخبها التي تدّعي الليبرالية والحداثة المتمثلة بالليبرالي المتفلسف المتثاقف المتجول بين السويد وميونخ …
هذا الليبرالي المتفلسف يصدّر لنا أنظمة عصرية، يشرّع بها هذا الواقع المأساوي القائم على الكره والحقد والثأر والانتقام، ويعمل على تدوير هذه المزابل المتشكلة من فضلات الاستبداد ونفايات القرون الوسطى الثقافية تحت عنوان محاربة الإسلامية الجهادية، ونسي أن بتشريع نظام المحاصصة الطائفية والعرقية أو فدرلة الطوائف، أنه يشرّع حشدا شعبيا اسلاميا سنيا جهاديا ولائيا لتركيا كما في النظام الفيدرالي العراقي المشرع للحشد الشعبي الشيعي الولائي لولاية الفقيه ومحاربة داعش جاهزة كحجة…
هذا الليبرالي يراني متخلفا مريضا مفصولا عن الواقع إن لم أؤيد وأبارك هذا الواقع أو إن تحدثت بمشروع وطني مدني جامع للسوريين في دولة حديثة تكون تكلفة العمل لها أقل مما يسببه العمل لذلك النظام الموهوم من دماء وتصفيات عرقية وحروب لا تنتهي ضمن كل كانتون…
ويراني متخلفا مفصولا إن استحضرت أي علم من أعلام النهضة والتنوير أو تكلمت بمشروع سياسي نهضوي تغييري أو عدت لبعث تراث ما قبل الأديان في البؤر الحضارية الأولى لتكون رافعة أو مصدر ثقة لمن ينشد الخلاص من هذا الواقع…
صحيح جدا أن الاعتراف بهذا الواقع وتعريته كما هو قائم والإقلاع عن الشعاراتية والتطبيل والتذمير وكل عادات الأنظمة البائدة المزمنة والأحزاب الخلّبية بالاحتفال بالانتصارات على جثث شعوبها، هو مدخل لا بد منه للعبور إلى تأسيس عقلية أخلاقية نهضوية جديدة تؤسس على الشروط الموضوعية التي يوفرّها التطور العلمي في مناحي الحياة لبناء ثقافة وسياسة عملية جديدة….
لكن يطلب مني ذلك المتفلسف في برجه العاجي كي أكون ناقدا بنّاء أن أقبل وأشرّع هذا الواقع كمصير أبدي لنا وأن أقرّ بأننا لسنا مؤهلين فطريا وتطوريا كشعوب لكي نتقدم…
ذلك المتفلسف المتنمّر ثقافيا يستعجل، يتصيّد، يمارس التعجيز في نقده المبرم، ويستسهل، ويرتجل بإطلاق الأحكام وتوزيع الأقاليم على من يشتهي كشكل من أشكال الحماية الموهومة ويظهر أنه كسندباد البحث قد وجد الكنز لذلك…
الكثير منا يمارس الكفر بكل ما يحصل نتيجة فداحة ما يحصل ويلعن هذه البلاد لكن كفشّة خلق وليس كعقدة نقص دونية أصابت من يريد أن يظهر أنه أضحى رجلا أبيض…
بليتنا بهذا المدعي بأنه قنديل نور كما بليتنا بتلك القناديل “لمْشحورة” كلها….
==

اترك رد