استبداد الاسلاموية الايدولوجية و الحداثة…كفاح جرجس-سوريا

منبر العراق الحر :

الحراكات الشعبية كانت مفاجئة للجميع حتى لجزء من المجتمع نفسه، و بسبب تعطيل الحياة السياسية في البلدان افتقرت الحِراكات لقيادات و برامج و خطط و خطوات، و هذا ما سهل للتيارات الاسلاموية المدعومة غربيا و إقليمياً أن تركب الموجة و تساعد في تعطيل و تشويه الارادة الطبيعية للناس في التحرر و الانعتاق، سواء انتحلت صفة الدفاع عن الحرية أو انتحلت صفة الدفاع عن الشرعية و السيادة و المقاومة،
لا سيما بعد أن تم تفريغ الاحزاب و مؤسسات المجتمع المدني، التي كان يمكن أن يُعَوَّل عليها في عملية التغيير الديموقراطي و التي فيما بعد أصبحت طابور سادس يقوده طابور خامس
باختصار شديد،
هؤلاء اعتمدوا على نتائج استنقاع المجتمعات من قبل السُلط القابضة على رقاب الثقافة و التعبير و الاقتصاد و الغيب ،و من هذه النقطة ( هما حليفان إن لم يكونا جهة واحدة)
، من ثم خلق مظلوميات مذهبية سنية و شيعية و أقلوية و مناطقية و عرقية أو بشكل عام فئويات ضيقة لا يمكنها أن ترتقي للتعبير عن المجتمع ككل، و بذلك تفقد شرطها الانساني الأخلاقي بل تغلق باب الحداثة التي يتمحور حول قيمة الانسان و ليس التحديث القائم على استخدام التكنولوجيا و لكن يفتقد الشرط الأخلاقي في احترام الانسان كوجود حقوقي تعبير ثقافي عاطفي، كثير من الأمثلة حولنا نجد فيها تحديث لا حداثة به ، فرق كبير بين الحداثة و التحديث،
وبناء على ذلك تم استعمال هذه المظلوميات الجزئية ( أو انتاجها قسراً) من أجل تغييب المظلومية الحقيقية العامة و التي يمكنها عند انتقالها للوعي العام تحقيق الاساس للوعي الاجتماعي لبناء مفهوم الديمقراطية و عدم إختزال الديمقراطية بشكل مشوه بالصناديق،
ما الذي سيحدث في بلادنا؟ ما مصيرنا؟؟
هذا النوع من الأسئلة التي تعبر عن الهاجس و الخوف العام في كل بلدان العالم العربي،
لذا لا بد من القراءة بفهم جديد لما هو المطلوب من انشاء الكيانات( الدول)
بعد الحرب العالمية الثانية بمجمل ما تحتويه من حدود ( صارت حدوداً وطنية مقدسة) و مشاريع تقسيمية اجتماعية،
من اهم الادوات :
إنتاج تعريف الآخر -العدو بحيث يكون هذا الآخر- العدو هو المختلف في المجتمع الواحد، لينسحب هذا التعريف إلى أعمق مستوى في ذات الفرد ليصبح كل فرد يمتلك قوى تعطيله الذاتية
فالفرد يستعدي ما عداه حتى ذاته
و المجموعة الفئوية( طائفة، مذهب، حزب، دين، منطقة) تستعدي ما عداها في المجتمع مما لا يفسح المجال لاي تغيير إلا عن طريق اتفجارات عنقودية متتالية في قلب المجتمع ، أو ما يسمى انفجار المجتمع من داخله
و هذه هي نقطة التقاطع بين التيارات الدينية بانواعها و سُلط الاستبداد بأشكالها.

لذا يمكن رسم صورة المطلوب ( الممنوعات) كما يلي:
-( ممنوع قيام دولة المواطنة) و السعي الحثيث للابقاء على أشباه الدول أو تغييبها و في الطريق إلى تدميرها حيث إن وُجِِدَ هيكل واعد، يتم ابتلاعه من السلطة لتصبح السلطة هي الدولة و مستقبلا السلطة هي الوطن،
فإذا قام شعب بالتحرك و لو خطوة بسيطة باتجاه بناء دولة المواطنة أو أنه حقق بعض المكاسب فالمطلوب ( كما هو مطلوب سلفاً) هو إعادته إلى ما قبل الدولة و يتم اعلان الشعب خائن للوطن و الدولة!
هذه الطغم الحاكمة منذ خمسين عام و اكثر كانت ناجحة في تطبيق هذا الهدف،
التي منذ قيامها تم إعلان الخارج عدو ثابت خطير غدار و إعلان موت الداخل و سحقه تحت ذريعة العدو الخارجي المتربص.
فيتهاوى مفهوم الدولة و تنمو اقطاعيات المزارع، كمن يرسم سهماً يشير إلى دائرة و يقول هذا مربع.

كل هذا لتحقيق الهدف في عدم قيام دولة المواطنة و النتائج الاساسية المترتبة على ذلك
-بقاء المجتمع ، مجتمع اهلي ما قبل مجتمع مدني
-بقاء الانسان ما قبل مواطن بل ما قبل انسان
-بقاء البلاد ما قبل الدولة ،
و بناء على هذا المنظور يمكن فهم ما يحدث في كل بلد على حدى
قد تختلف التكتيكات من بلد إلى آخر، لكن النقاط السابقة هي في الجوهر-البوصلة التي توجه عملهم.

و لما كانت الحركات الشعبية هي دهس و تدمير لهذه البوصلة، و بالتالي إمكانية بناء بوصلة على مستوى قضية شعب و هذا يعني إمكانية التقدم،
تجعل من أي حركة شعبية، خطر حقيقي
هذا ما استنفر و يستنفر كل أصحاب المشروع لإيقاظ و تفعيل كل أدواتهم التي ما هي إلا قفازات و أدوات تنفيذ،
لذا يزجون بكل أدواتهم الاصلية و أدواتهم الاحتياطية من جماعات و أحزاب و دول مذهبية لتقوم بالوكالة عنهم بتعطيل ارادة الشعب بالحياة و الكرامة

قانون الطبيعة و ناموسها هو التغيير
بل ان التغيير هو طبيعة الحياة و حالة ضرورة ملحة
و الوعي الديمقراطي هو ما يساهم في ان يكون التغيير هو خطوة للشعوب و الانسان في الحياة

اترك رد