منبر العراق الحر :
انطلق امس الثلاثاء مهرجان كان السينمائي، بنسخته السادسة والسبعين، في مدينة كان الفرنسية بمشاركة كوكبة من النجوم، من بينهم هاريسون فورد، جوني ديب وناتالي بورتمان، مع تنافس 21 فيلماً على السعفة الذهبية. وهو من أضخم الفعاليات العالمية، والمقامة في المدينة كل صيف، خلال شهر أيار (مايو).
والمهرجان هو أحد أقدم المهرجانات عالمياً، إذ يقام منذ عام 1947، حين تم تنظيمه للمرة الأولى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد وقع الاختيار على مدينة كان كونها متميزة بموقعها الاستراتيجي المهم، حيث تقع في الجنوب الشرقي للبلاد، المطل على البحر الأبيض المتوسط.
وشُيدت المدينة خلال القرن الثاني قبل الميلاد، ما جعلها من أقدم المناطق المأهولة بالسكان في الريفييرا خاصة، وفي فرنسا عامة. وهي واحدة من أبرز المدن السياحية والاقتصادية في الريفييرا، الواقعة في الجنوب الشرقي لدولة فرنسا.
واشتهرت كان تاريخياً كونها من أبرز مناطق الصيد في فرنسا. أما اليوم، فهي عبارة عن صرح ثقافي وسياحي، معروف محلياً وعالمياً، وتمتاز بالعديد من المناطق السياحية الجاذبة للسائحين من كل أنحاء العالم سنوياً، إذ يزورونها لاكتشاف جمال طبيعتها. تشتهر كذلك بمناخها المعتدل وطبيعتها الخلابة. وتملك المدينة مواقع طبيعية وسياحية عديدة، مشهورة تاريخياً، أهمها:
حي لو سوكيه:

وهو أقدم حي في مدينة كان، ومعروف بالحي القديم، ويُسميه سكانه بالمدينة القديمة. وهو من أشهر المناطق في المدينة، والقلب النابض لها. وتم تشييده على تل، لأسباب عدة أهمها حمايته من أي تدخل خارجي. وما يميزه هو احتواؤه على العديد من معالم الجذب السياحي من نمط العمارة المميز، وصولاً إلى آثاره العائدة إلى العصور الوسطى.
وبُنيت شوارعه قبل أكثر من 400 عام، وعليه فهي تشتهر بعراقة تصاميمها وتميزها عمّا يجاورها من أحياء. ومن أشهر آثار الحي، الأسوار القديمة المشيدة لحماية المدينة، بالإضافة إلى الكنيسة القديمة والقلعة التاريخية.
أما البرج المربع فهو يمثل أشهر جزء من القلعة التاريخية في المنطقة، ما يمكّن الزائر من الاستمتاع بمنظر بانورامي كامل للمدينة ولشواطئها الساحرة، إلى جانب الشوارع والمنازل العائدة إلى العصور الوسطى.
ولا تتوقف أماكن الجذب في الحي على ما ذُكر، لا بل تتخطاها لتشمل سوق فورفيل، وهو أشهر مكان للتسوق هناك. يشتهر كذلك الحي بفعالية “Les Nuits Musicales”، المنظمة كل عام في شهر تموز (يوليو). وهي عبارة عن سهرات فنية، متخصصة بالموسيقى الكلاسيكية العريقة، يحييها العديد من الفنانين العالميين، إذ يتخذون من أحياء لو سوكيه مسرحاً فنياً لهم.
ويمكنك أيضاً استئجار الدراجات الهوائية للقيام بجولة داخل الشوارع القديمة، والاستمتاع بهندستها الفريدة وجمال المناظر الطبيعية حول هذا الحي. ويمكنك رؤية باقي أجزاء مدينة كان، وجزر أرخبيل ليرينز الموجودة في المنطقة، عند صعودك إلى أعلى نقطة في التل الموجود عليه الحي.
حي لا كروازيت العريق:

من الأحياء الأخرى المشهورة في مدينة كان، حي “لا كروازيت” العريق، المعروف بشواطئه ذات الطبيعة الخلابة، المشهورة بأشجار النخيل والصنوبر. ويتميز الحي بتوفير مزيج فريد من نوعه، يجمع بين الطبيعة الساحرة للمنطقة والنمط الحضري المتطور للمدينة. وساهم في تشكيل هذا المزيج الفريد، وجود المباني والمنشآت العمرانية إلى جانب الشواطئ.
ووفر الحي لزائريه فرصة زيارة قاعة المؤتمرات الكبرى، المقام فيها “مهرجان كان السينمائي”، حيث يقام المهرجان كل عام. وهو أيضاً من أشهر الأحياء، لاحتوائه على مراكز تسوق ومحال لماركات عالمية متنوعة تعرض منتجاتها من ملابس وتذكارات للسياح.
جزر أرخبيل ليرينز:

هي من أشهر الأماكن السياحية في منطقة الريفييرا، كونها تتميز بطبيعة ساحرة وأماكن تاريخية وحصون مميزة، فيلجأ إليها هواة التاريخ والطبيعة من السائحين. وتم تصنيفها كأكثر المناطق غير الملوثة في محيطها، وهي معروفة بصفاء مياهها.
وتشتهر هذه الجزر بكونها منطقة ذات نمط حياة مختلف بالكامل عن المناطق الأخرى المجاورة لها، إذ تمنح السائح رفاهية الهدوء بعيداً من الصخب في المدينة وكثرة الحركة والضوضاء فيها. ويتكون الأرخبيل من العديد من الجزر، يمكنك التنقل بحرية في ما بينها عن طريق القوارب المأجورة مع أو من دون سائق، وأشهرها:
جزيرة سانت مارغريت:

هي عبارة عن غابة تمتد لأكثر من 150 هكتاراً من أشجار “الأوكاليبتوس” والصنوبر، غُرست خلال القرن 19م. وهي الجزيرة الأكثر زيارةً في فرنسا كلها. وتشتهر الجزيرة بما يسمى بالحصن الملكي أو “حصن لا روايال”، وهو حصن تاريخي بُني بغرض حماية الجزيرة من أي تدخل خارجي.
وحُوّل هذا الحصن التاريخي إلى سجن، فاستقرّ أخيراً كمزار سياحي تاريخي مهم في البلد، بعدما أصبح متحفاً مصغراً لعرض بعض القطع الأثرية والمجموعات التاريخية المعبرة عن الموروث الثقافي والمادي للمنطقة.
كذلك تم اكتشاف العديد من المنازل التاريخية القديمة في الجزيرة، والعائدة إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وتضم المنطقة أحد أجزاء القلعة، وهو متحف شهير يعرض العديد من القطع التاريخية المكتشفة في البحر أو بالقرب منه، أهمها: حطام سفن قراصنة، أوان، آثار تعود للعصر الروماني وأدوات للصيد. كما يعرض بعض الأعمال الفنية من منحوتات حجرية وخشبية تحت الماء، وهو المتحف الوحيد في العالم الذي يعرض مجموعاته الفنية تحت الماء.
ويسلط الضوء المتحف على الجانب التعليمي والتثقيفي، إذ ينظم ورشات تعليمية لزواره، لتعليمهم السباحة، وتثقيفهم بخصوص الجزر وطبيعتها وكيفية الحفاظ على بيئتها من التلوث.
جزيرة سان أونورا:

هي جزيرة من جزر أرخبيل ليرينز. شُيّدت خلال القرن الخامس، واشتهرت بكنيستها العريقة المسماة “L’abbaye de Saint-Honorat”. وهي من أغنى المناطق، إذ يزيدها نمط عمارة منشآتها جمالاً، فهو من عوامل جذب السياحة. وهي معروفة بالجولات داخلها عن طريق القوارب الصغيرة المستأجرة من الميناء القديم أو شواطئ كان.

ومن هنا، تجدر الإشارة إلى الميناء القديم، المزين بالقوارب الراسية على ضفافه طيلة أيام السنة. ويوفر هذا الميناء العديد من اليخوت للاستئجار. ويشتهر أيضاً كمركز تاريخي للصيد البحري. يحتوي كذلك على ممرات خاصة بالمشي، ما يسمح بالاستمتاع بالمنظر البانورامي لأرخبيل ليرينز، فيظهر بوضوح في الجهة المقابلة عند الوقوف في الميناء.
وبالعودة إلى الجزيرتين المذكورتين أعلاه، سانت مارغريت وسان أونورا، فتربطهما قناة مائية اسمها “بلاتو دي ميليو”، المعروفة بممارسة العديد من النشاطات المختلفة فيها، كالتزلج على الماء والرياضات الشاطئية.
جزيرة دي لا تراديليير:

أما الجزيرة الثالثة من جزر أرخبيل، فهي أصغرها، والمعروفة بجزيرة “دي لا تراديليير”، المكونة من 3 جزر. تمتاز بطبيعة ساحرة، ومن المعروف أنها جزيرة غير مأهولة بالسكان. وهي تمكّن زائريها من الاستمتاع بالنشاطات البحرية المختلفة كركوب الأمواج والتزلج على الماء.
ومن المعروف أن كان عاصمة السينما والمهرجانات العالمية، إذ يزورها العديد من الفنانين المشهورين عالمياً. للمدينة طابعها الثقافي، الفني والحضاري، ما يبرر وجود متاحف ومزارات ثقافية فيها. ومن أشهر متاحف المدينة العريقة:
متحف كاستر:

وهو يقع في أعالي المدينة القديمة في كان. ويعرض المتحف العديد من الآثار الثمينة من مختلف أنحاء العالم، مثل أميركا، جبال الهيمالايا، التبت وغيرها، إلى جانب المجموعات الأثرية من المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط. ويحتوي أيضاً، على آلات موسيقية من مختلف القارات ولوحات فنية تعود للقرن 19م.
عند زيارتك لهذا المتحف ستشعر أنك سافرت عبر الزمن، ويمكنك استئجار مرشد ليعرفك أكثر على تاريخ الآثارالموجودة ومكان اكتشافها للاستفادة قدر الإمكان من الزيارة.
متحف البحر:

وهو يقع في جزيرة سانت مارغريت، ويحتل الجزء الأقدم من قلعتها الشهيرة. ينقسم المتحف إلى ثلاثة أقسام وهي: نصب هونوغوت التذكاري، زنزانة السجين الغامض والجزء المغمور تحت الماء، وهو عبارة عن آثار مختلفة جُمعت من السواحل، وتتضمن حطام سفن وأدوات صيد.
مسرح يونيكورن:

يعرف هذا المسرح على أنه موجه للأطفال والشباب خاصة، فقد أُنشئ تلبيةً لمطالب بعض النوادي الشبابية الناشطة. وهو يعرض أعمال العديد من الممثلين والمسرحيين المحليين والعالميين، القدامى والمعاصرين أيضاً.
كنيسة نوتردام ديسبيرانس:

تم تشييد هذه الكنيسة عام 1641م، على تلة حي لو سوكيه. وتُعتبر من أشهر المناطق السياحية في مدينة كان. وتمتاز بنمط عمارة فريد من نوعه، حيث تتكون من قاعتين وساحة زُينت بزخارف بديعة.
طاحونة فورفيل:

كانت في السابق عبارة عن طاحونة للزيت، ثم تحولت بعد توقفها عن العمل لمتحف على يد عالم الأحياء الفرنسي فيكتور توبي. وجمع توبي مجموعات ثمينة من الآثار الموجودة في المنطقة، ووضعها في الطاحونة لتصبح متحفاً يجسد تقاليد منطقة بروفانس، وافتتح فعلياً عام 1993م.
منبر العراق الحر منبر العراق الحر