منبر العراق الحر :
قلبي، يا جرحًا يتقنُ أسماء الخراب، يا شظيةً مغروسةً في لحمِ الريح،
يا أنينَ المدنِ المتعبةِ في أحلامِ المطر،
يا دمعةَ الأرضِ حينَ تتساقطُ البيوتُ مثلَ أوراقِ الخريفِ في مهبِّ البارود.
كم مرةً استيقظتَ على أنقاضِ نشيدٍ كانَ لنا؟
كم مرةً كنتَ نافذةً مكسورةً في وجهِ العاصفة؟
كم مرةً سقطتَ من بينِ الأصابعِ كحفنةِ ترابٍ هاربة؟
يا قلبي الدامي، يا غريبًا في خرائطِ التيه،
أتعرفُ كيف تنكسرُ الأوطانُ؟
تنكسرُ حينَ يتحوَّلُ البحرُ إلى مقبرة،
حينَ تصبحُ الطرقاتُ سكاكين،
حينَ يُمحى وجهُ الأمِّ من الذاكرةِ لأنَّ الرصاصةَ أسرعُ من العناق،
حينَ يصيرُ البيتُ ذكرى، والذكرى جدارًا عليهِ أسماءُ الغائبين.
يا قلبي، يا وردةً مذبوحةً في قصائدِ المنفى،
كيفَ نحملُ وطنًا على أكتافِ الرثاءِ؟
كيفَ نزرعُ الحنينَ في أرضٍ لم تعدْ تعرفُنا؟
هل يكفي أن نكتبَ أسماءَ مدنِنا على الماءِ كي تعودَ؟
هل يكفي أن نحلمَ كي ينبتَ من الرُّكامِ قمر؟
يا قلبي، يا نجمةً تتأرجحُ بينَ الغيابِ والغياب،
تعالَ نبحثُ عن وطنٍ في صوتِ أمٍّ تدعو،
في طفلٍ يركضُ نحوَ السماءِ دونَ أن يخافَ،
في عصفورٍ ينجو من القذيفةِ ليغني،
تعالَ نبحثُ عن وطنٍ في يدينِ تشتبكانِ كي لا يضيعَ الضوء.
يا قلبي، أيها الحاملُ جرحًا بحجمِ مجرَّة،
لا تمُتْ بعد، لا تمتْ…
فربما في آخرِ الأنقاضِ يولدُ لحن،
ربما من آخرِ الرمادِ تشرقُ غابة،
ربما… في آخرِ الدمعِ،
يعودُ الوطن.
