أيام التموين ومحراث التنور… نعيم عبد مهلهل

منبر العراق الحر :
في اواخر ستينات القرن الماضي حدثت ازمة تموين في البلاد عندما بدأت الدولة توزع الدهن والسكر والرز بقوائم وحصص من خلال اسماء العوائل في اشتراك الماء او الكهرباء.
ولأننا لانمتلك اشتراكا في الكهرباء بل نستخدم الفوانيس واللاله وليس لدينا سوى قسيمة اشتراك الماء ، اعطتني امي تلك القسيمة وكنت في الرابع الابتدائي وقالت اذهب يا ولدي وابحث عن اسم المرحوم جدك ( مهلهل ) فالأشتراك بأسمه . وأعطتني عشرين فلسا ثمنا لكيلو سكر وكيلو رز.
كانت الحوانيت الممتدة من باب الشطرة والى قيصرية البزازين قد علقت قوائم المشتركين حيث يمكن الوقوف بالدور أو التدافع واستلام حصتهم مع التموين .
وبالكاد وجدت اسم جدي ، وطار قلبي فرحا فكأني ربحت في بطاقة اليانصيب ، ولأني صغير الحجم دخلت بين زحام الناس ، وبالكاد وصلت الى صاحب الحانوت ، وحين طلب مني قسيمة اشتراك الماء ، مددت يدي الى جيبي ، فلم اجدها .
اصبت بالاحباط والحزن والخوف ورحت أبحث بين اقدام البشر المتدافعين للوصول الى صاحب الحانوت ، فلم اجدها ، وربما مزقتها اقدام البشر.
عدت الى البيت ، حزنت امي ، وتحمل ظهري عدت ضربات من محراث التنور ، ولأيام حُرمنا من شرب الشاي واكل التمن في الغداء .
وما زلت اتذكر عبارة ابي المنكسرة حين عاد من علوة الحبوب ، فلم يجد الشاي والطبيخ ليوجه سؤاله الاسطوري اليًّ : أين اضعت الورقة يا ولدي.؟

اترك رد